اليوم العالمي للمرأة الريفية وتمكينها لتحقيق السلام والأمن الدوليين

(بقلم: علي الحاروني)  

0 10٬595

– تشكل النساء في تركيبة الريف السكانية في الوطن العربي أكثر من 60% حسب كل التعدادات والإحصاءات الواردة في كل دولة ووفقا لتقارير الأمم المتحدة والكتاب الإحصائي السنوي لعام 2022م والذي تصدره المنظمة.

ونظرا لأهمية دور المرأة في التنمية والنمو الاقتصادي والرفاهية جاء الاهتمام العالمي بالمرأة وتخصيص يوم 15 أكتوبر من كل عام يوما عالميا لها تقديرا لدورها الفعال في النمو والتنمية وتدبر شئون البيت وإدارته والوفاء باحتياجات الأسرة ومسئوليتها في رعاية الأطفال وتربيتهم والقيام بالعمل الزراعي سواء مالكة أم مؤجرة والقيام بعمليات التسويق وبعض الأنشطة التجارية والعمل في مجالات الصناعة الريفية مثل صناعة الجبن والألبان وتجفيف الحبوب والبذور والصناعات الغذائية الأخرى التي تقوم على الفاكهة والخضر.

– ومن هنا يحتفل العالم في الخامس عشر من أكتوبر باليوم العالمي للمرأة الريفية وهو ما حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 2007م وذلك بهدف النهوض بمكانة المرأة الريفية وتحسين ظروف عملهن وضمان حقهن في العمل اللائق ودعم دور النساء والفتيات في تحقيق التنمية المستدامة عامة والزراعية خاصة على نحو يؤدي إلى التقليل من نسب الفقر والجوع وهو ما يفسر الاهتمام الدولي للتمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة الريفية خاصة وأن كافة التقارير الدولية و الصادرة من هيئة الأمم المتحدة للمرأة تشير إلى أن النساء تواجه تمييزا كبيرا فيما يتعلق بملكية الأرض والثروة الحيوانية والمساواة في الأجور والوصول إلى الموارد فضلا عن معاناتها من انعدام الأمن الغذائي بصورة عالية.

أولاً- المرأة الريفية في ظل الأزمات الدولية الراهنة:

– وفقا لأحدث التقارير الدولية والصادرة عن هيئة الأمم المتحدة لعام 2022م فإن النساء يواجهن تمييزا كبيرا فيما يتعلق بملكية الأراضي والثروة الحيوانية والمساواة في الأجور وتدني مستويات الدخل وعدم وجود عدالة في تولي الوظائف الإدارية والقيادية وارتفاع مستويات البطالة…. إلخ. حيث أن النساء في القطاع الريفي حضورها ضعيف وتواجه تحديات كبيرة لا سيما في القطاع الزراعي والصناعي الريفي وأجرها زهيد, مع عدم ملكيتها لأراضي في الريف رغم أن نسبة النساء والفتيات في الريف تبلغ النصف وهذا يرجه إلى هيمنة الثقافة الذكورية في الأرياف.

– ومن هنا فإن تعزيز قدرة النساء علي الصمود في أريافنا يتطلب تفكيك المشكلات والقضايا التي تواجهها سواء علي المستوي الثقافي أو الاجتماعي أو الاقتصادي … الخ . ويستوجب وضع الخطط الوطنية وتبادل الخبرات والتجارب من أجل التمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء من وسائل الإنتاج ومن الأرض ومن ثقة أجهزة الدولة حتي يتسني دمجها في الاقتصاد بوصفها فاعلة وباعثة للمشاركة المجتمعية الفعالة والفاعلة.

ثانياً- المرأة الريفية ودور مستقبلي فاعل:

– نظراً لأهمية دور المرآة في المجتمع الريفي وبوصفها شريكاً رئيسياً في الاقتصاد الوطني خاصة في القطاع الزراعي ولها اسهامات في تحقيق الأمن الغذائي فلا بد من تفعيل دورها لاسيما بعد الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها وجائحة كورونا والمطالبة بتحقيق تكافؤ الفرص في المناطق الريفية نظراً لمساهمتها في مواجهة أزمة الغلاء علي المتسوي العالمي, مع إتاحة مصادر للتمويل للمرأة في القطاع الزراعي والاهتمام بدور الرائدات والريفيات علي المستوي العالمي, مع العمل علي رفع الوعي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والقانونية للمرأه الريفية ودعم الكوادر النسائية في القري والمناطق الريفية وتدريبهم علي إقامة المشروعات المتوسطة والصغيرة والمشروعات الصديقة للبيئة مع العمل علي الحفاظ علي الحرف التراثية التقليدية.

– ومن الأهمية بمكان في ظل الأزمات الدولية وبخاصة الغذائية منها ومع أزمة الجوع وسوء التغذية واللذين يشكلان واحداً من أكثر تحديات التنمية احتياجاً وإلحاحاً خاصة وأن نحو 1.3 مليار طن من الغذاء يتم فقدها وتبديدها في عصر يعاني فيه نحو مليار شخص من الجوع فإنه من الضروري التركيز علي دور المرأة الريفية في الحد من الهدر الغذائي نظراً لقيامها ومشاركتها الفعالة بشكل أساسي في عديد الأنشطة الزراعية في القطاع الريفي كالإنتاج الزراعي وإعداد وتحضير الطعام وذلك من خلال تمكينها في قطاع الزراعة عن طريق تدعيمها وإشراكها في اتخاذ القرارات الخاصة بالإنتاج الزراعي.

وينبغي دعم قدراتها وتنمية مهاراتها وتوجيها نحو الاستخدام الأمثل للغذاء سواء تعلق بذلك بسلسلة الإمداد والتجهيز أو في حالة الاستهلاك النهائي ما يؤدي إلي تقليل الفقد والهدر من الغذاء وإمكانية وصوله إلي الفقراء ومن يعانون من سوء التغذية والجوع وتحسين الحالة الصحية والتغذوية للريفيات خاصة في ظل هشاشة الأوضاع الصحية لهن ومما يؤدي في النهاية إلي تعظيم قدراتهن والاستفادة منهن كقوة فاعلة ورئيسية في تحقيق الرفاهية والتنمية المجتمعية.

 

– ولا بد من مجابهة مشكلات الأسرة العربية اليوم ذلك أن دعم النساء في الاستقلالية الاقتصادية هو بمثابة العلاج لظواهر الانقطاع عن الدراسة بالنسبة للفتيات والأطفال في الأرياف واستغلالهم اقتصادياً.

– وفي الحقيقة فإن الجمعيات والمجتمع المدني قادرة علي أداء دورهم في الأوساط الريفية خاصة في تغيير الثقافة والعقليات ودعم حقوق النساء والفتيات وتمكينها اقتصادياً وبخاصة التمكين الاقتصادي للمرأة الريفية والذي هو بمثابة تمكين للأسر في الريف وحمايتها من الفقر وتداعياته علي العلاقة بين الزوجين وعلي الأطفال حيث أن التمكين الاقتصادي هو المورد الأساسي والأول لتحقيق الأمن والسلم الاجتماعي وبالتالي الأمن والسلام الدولي.

 

– ومن الأهمية بمكان، التأكيد علي دور الإعلام والحملات الإعلامية الموجهة للريفيات من أجل دعمهن سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتوظيف وسائل التواصل الاجتماعي وبحث تفعيل دورها في نشر ثقافة النهوض والتمكين للمرأة الريفية.. هذا مع بث روح التوعية في المدارس والجامعات والمساجد والكنائس, مع تعاون منظمات المجتمع المدني في ذلك, وإشراك القطاع الخاص في دعم المرأة وتمويلها اقتصادياً ودعمها اجتماعياً خاصة فيما يتعلق بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة والصناعات الحرفية واليدوية التراثية والتي تشكل الهوية العربية والإسلامية.

 وفي هذا السياق، تجب الإشادة بالإستراتيجية الوطنية للمرأة المصرية 2030م والتي نادت فيها بإتاحة مصادر للتمويل للمرأة في القطاع الزراعي بكل أنشطته فضلاً عن اهتمام المجلس القومي للمرأة بدور الرائدات الريفيات في جميع محافظات الجمهورية والاستعانة بهن في مشروع القطن المصري من الزراعة إلي الحصاد, مع تبني عديد من المبادرات لدعم الكوادر النسائية الريفية مثل مبادرة (واعية) ومبادرة (أدها وأدود) للحفاظ علي الحرف التراثية التقليدية.

– وأخيرًا فإن تنمية المرأة الريفية لهو جزء من التنمية الشاملة بوصفها أحد أعملتها الرئيسية ولضمان تحقيق الأمن والسلام الاجتماعي الوطني والذي هو جزء من الأمن والسلام الدوليين.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق