أمن الخليج تحت المظلة الأمريكية

كتب / إسماعيل بدوى
لعل ما يشغل صانعوا القرار في واشنطن هو ماهية النظام الأمني الخليجي الأكثر فاعلية والأقل تكلفة مادياً وسياسياً فى منطقة الخليج. فقد كانت الولايات المتحدة ومن قبلها بريطانيا لهما نظريات وخطوات رائدة فى صياغة النظام الأمنى الخليجى بما يضمن مصالحها أولاً، واستقرار نظم الحكم التي تعتمد عليها فى المنطقة ثانياً، وإن كانت هذه الصياغات الأمنية مبرراتها السياسية والعسكرية والاقتصادية التي أدت إلى وضعها موضع التنفيذ منذ عقود.

 

شهدت منطقة الخليج الكثير من التطورات على مدى سنوات لقضية من أهم القضايا التي يتعين على الإدارة الأمريكية التعامل معها بعقلانية، والتي بدأت بزعزعة أمن الخليج، اعتماداً على إطار أمني يقوم على ضرورة تأمين الملاحة الدولية، من خلال الوجود الأمريكي الرادع. ويؤكد هذا الإطار الأمني مركزية دور دول مجلس التعاون في الحفاظ على أمن الخليج، بالإضافة إلى عدد من الشركاء الذين يساهمون في ذلك من خلال المؤسسات والآليات التي وُضعت لهذا الغرض، ولم يتغير هذا الإطار حتى الآن.

 

ففي ظل إدارة الرئيس الأمريكي المُنتخب جو بايدن، هل تتم وضع خطة نهائية للاستقرار على شكل وطبيعة النظام الأمني الخليجي كما تراه الولايات المتحدة في ظل الإدارة الجديدة والتى أصبحت أكثر انشغالا بمشاكلها سواء في العراق وإيران أو غيرها من الدول الخليجية، أو حتى الدولية (الصين وروسيا). وبعد أن انكشفت غُمة الانتخابات، فمن المؤكد أن يتخذ البيت الأبيض والبنتاجون قرارات واضحة يتم الاتفاق عليها، وتشكيل مجموعة عمل لتحقيق الأهداف المرجوة، وتأسيس قنوات قوية للتواصل بين الجانبين، من خلال الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي ووزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن الوطني في البيت الأبيض، وتركز عمله مبدئياً على الأبعاد السياسية والأمنية، معتمداً على هندسة أمن الخليج المتفق عليها مسبقاً، مع الأخذ في الاعتبار الأوضاع المستجدة في الدول العربية التي بدأت أوضاعها في التدهور مع زيادة التمدد الإيراني في المنطقة.

 

إن واشنطن بوجودها العسكري، خاصة في العراق، لم تعد في حاجة ماسة للاعتماد على الوكلاء المحليين بوضعهم الحالي الذي قد تكون تكلفتها أكثر من كونه دافعاً لمصالحها. فالولايات المتحدة موجودة باعتبارها القوة العظمى في العالم، أي لن ينافسها أحد سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي بما ينعكس على المستوى السياسي والاقتصادي، وإعادة هيكلة النظام الإقليمي الخليجي، وتعمل على تقديم نموذجها الأمني القادر على فرض وجوده سواء من خلال قدراته الخاصة مسانداً لدوله أو بامتداده العربي، ومن ثم أصبح الوجود العسكري الأمريكي يفقد مشروعيته  بشكل ولو جزئي.

 

تطورات المفهوم الأمني
ظل أمن الخليج العربي بين يدي القوة العظمى التي سيطرت على مقدرات الأمور. فمنذ انسحاب بريطانيا من منطقة الخليج وإحلال الوجود الأمريكي محلها، أصبح على ذلك الوريث أن يبذل الجهد لإقامة نظام أمني في المنطقة بأسرها ويقيها من الأخطاء التي ارتكبها الوجود البريطاني. البترول هو السلاح القوى الذي استطاعت دول الغرب من خلاله أن تحول المنطقة من مجرى مائي إلى منطقة استراتيجية تُحيط بها الأساطيل الحربية وتلهبها الحروب، لجعل المنطقة تعيش على حافة  الهاوية، والتي لا تخلو من الأزمات.

 

بعد تطورات الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية، خاصة في العراق وسوريا، وما يحدث في إيران، وفى الوقت الذى عملت وتعمل فيه الولايات المتحدة على سياسة الاحتواء المزدوج لكل منهما مع سياسة الوجود الفعلى على الأرض والذى ظهر واضحاً فى الخطوط الأمامية للقتال بعد غزو العراق للكويت، ومن ثم أصبحت تلك القواعد تمثل (الوجود الأمنى) كما تسميه الولايات المتحدة، هو عصب السياسة الأمنية للولايات فى المنطقة، والأداة التى استطاعت بها واشنطن تنفيذ سياسة الاحتواء.
Comments (0)
Add Comment