العنف ضد المرأة.. تعددت أسبابه لكنه يبقى لفظيًا وجسديًا

         بقلم/ زهرة شوشة

 

يقول الله تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد:11]

ويقول الحديث الشريف: “اتَّقُوا اللَّهَ فِى النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ“، هذا الحديث من أهم وصايا الرسول بالنساء، هذا الحديث الشريف يصف فيه الرسول (ﷺ) للرجال كيف عليهم أن يتعاملوا مع نسائهم بشكل خاص.

 

انـطـلاقًـا مـن أن الـعــنف ضــد المــرأة مـتــعــدد الأسـبــاب والأبــعــاد والأشـكــال (الــنـفــســيـة، والصـحيـة، والاجتـماعـية، والـثقـافيـة)، ورغم تأكيد كـافة الأديان والمذاهب الإنسانـية على مبادئ الـعدالة الاجتمـاعية والمساواة بين بـني الإنـسان وأهـميـتهـا في بنـاء المجتـمع البـشري واسـتقـراره، ورغم حجم الأضـرار التي تكبدتها وعانت منها الإنسانية جرّاء اعتماد العنف كأداة للتخاطب، واعتبار المساواة بين الجـنسين مسـألة أساسيـة ومهمة من أجل تحقـيق التنمـية البشريـة داخل المجتمع لاتزال البشرية تدفع ضرائب باهظة من أمنها واستقرارها جرّاء اعتمادها للعنف وسيلة للحياة.

 

لذا: حظيت الأسرة في الإسلام بقسط وافر من العناية والاهتمام، يتلاءم مع أهميتها في كيان المجتمع وأثرها في حياة الأمة ومستقبلها، فقد شملها الإسلام بتوجيهاته التربوية، وحدد لها من قواعده التشريعية ما يكفل قيامها على أسس سليمة ويدعم كيانها، ويوثق أواصر العلاقات بين أفرادها، ويوفر لها الحماية من عوامل التحلل والفساد، كي تؤدي رسالتها في إعداد الجيل الجديد، وتربيته على القيم الفاضلة والمُثل السامية.

 

فالعنف الأسري أصبح ظاهرة تهدد وتزعزع كيان الأسرة وتصدع بنيانها، فإذا سلم بنيانها واستقام أمرها سلم المجتمع واستقام أمره، وإذا فسدت أحوالها وساءت، فسدت أحوال المجتمع معها وانهارت حياته الخلقية والاجتماعية، لانهيار أهم أسسه وأركانه.

 

إلا أننا لانزال متمسكين بثقافة الصمت على ممارسة سلوكيات بعض الرجال الخاطئة، فإذا تقدمت إحدى النساء أو الفتيات اللائى وقعن فريسة للتحرش بشكوى قد يُنظر إليها على أنها مثيرة سواء من جهة شكلها أو ملابسها التي تعكس نظرة المجتمع لها.

 

أما إذا كانت الشكوى بسبب عنف أسري فتكون النصيحة بأن تُحل المشكله ودياً، وقد تستمر الإهانات والتهديدات والإكراه في معاملة المرأة من أجل تنفيذ رغبات الرجل وتأكيد سيطرته حتى يمتلكها الشعور بالعجز وأن مساعيها للخلاص غير مجدية وبالتالي تستسلم للخوف من ردة فعل الزوج لقلة حيلتها، فلا تجد أمامها غير مد يد المساعدة والمساندة من رجال الإفتاء بالأزهر من خلال التواصل عبر الفضائيات فقد تجد الرد المناسب الذي يهدئ من روعها لكنها قد تصطدم بآراء غير مناسبة، بالرغم من أنها تُعد الجهة المسئولة رسميًا عن إيجاد الحلول التي لا رجعة فيها مع تلك المشكلات الخاصة بالمجتمع بكافة أشكاله وهي المنوطة بالاستشارات المجتمعية من خلال رجال ذات كفاءة وخبرات عليا في مجال رأي الدين والقانون والشريعة الإسلامية عند الشعور بالضيق أو المرور بأزمات تحتاج لعلاج شرعي.

 

والسؤال: هل لأن الأئمة من الرجال فيجب عليهم التحيز إذا كانت الشكوى تخص امرأة تشتكي من عنف زوجها في المعاملة بكافة أشكاله، ويكون الرد هو حثها على التحلي بالصبر، وبالتالي تشجيعها على البقاء في حفرة مشتعلة بالهموم والأضرار النفسية والجسدية في انتظار موت مُحقق. والجواب، لا يمكن التشكيك فى عرض الحلول المطروحة من دار الإفتاء وأئمتنا الأفاضل بالأزهر الشريف.

 

أود في النهاية طرح بعض المقترحات التي يمكن أن تساعد في القضاء على العنف ضد المرأة:
1- ليس للنساء ملجأ بعد بيت أبيها سوى بيت الزوجية.
2- للحد من المهازل اللادينية واللاأخلاقية لابد من إصلاح النظام الاجتماعي والثقافي والنهوض به لإنقاذ الأرواح وإنهاء المعاناة وتعزيز وحدة الأسرة، والتكامل المجتمعي، والأعراف الاجتماعية. لذلك يجب أن نفكر في وقف العنف بكل أشكاله، وأن نمنعه، لأننا نحيا في وطن واحد ومسؤولون عن أمنه واستقراره.
3- لابـد من تكاتف جـميع الجهود والـعمل عـلى مستـويات ثـقافيـة، واجتـماعـية، واقتـصاديـة، وتشريـعيـة بشكـل متكـامل للـتغلب على تلك الظاهرة، ونشر ثقافة صديقة للمرأة ومحاربة الجذور الثقافية لكل الممارسات المميزة والعنيفة ضدها.
Comments (0)
Add Comment