سمير شحاتة يكتب: جلطات مرورية في قلب العاصمة.. فهل مِن حلول عاجلة ؟
أصبح الازدحام المرورى جزءاً من الروتين اليومى، وصارت مشاهد طوابير السيارات التى تتجاوز فى بعض الأحيان عدة كيلو مترات طولاً، منظراً مألوفاً فى التقاطعات والطرق الرئيسية.
وبالرغم من أن صخب المدينة لا يتوقف جهارا نهارا، فإن ازدحام شوارعها وطرقها الرئيسية أضحى مشكلة تواجه المقيمين فيها كما زوارها، وهو الأمر الذى تخشى معه العاصمة، التى تنمو بقوة، من أن يتسبب فى جعلها أقل جاذبية للمستثمرين والسياح، كما كان الأمر قبل سنوات، وأن المسافة بين عمل أى مواطن وبيته، أصبحت تحتاج الآن ضعف الوقت الذى كانت تحتاجه قبل أعوام، فالوضع يزداد صعوبة عاما بعد آخر.
ومن خلال نتائج بعض الدراسات تبين أن مصر هى الأسوأ بين جميع المدن العربية فيما يخص الفترة التى يقضيها الموظف للانتقال من بيته إلى مكان عمله. وحسب الدارسة التي استندت إلى آراء خمسة آلاف موظف فى الشرق الأوسط، أكدت أن مدينة القاهرة تقع فى المرتبة الأولى فى ازدحام شوارعها، حيث يقطع الموظف فيها المسافة فى حوالى ساعة و35 دقيقة.
كما أن هناك عددا كبيرا من سكان المحافظات المجاورة ممن يعملون فى القاهرة، وهذا يعنى أن هناك أكثر من مليون مركبة تجوب شوارعها يومياً، وهو عدد أكبر بكثير من قدرة شوارعها وأنفاقها لاستيعاب هذا العدد الكبير من السيارات، والأهم من ذلك، أن عدد المركبات يتزايد باستمرار، ومن المتوقع أن يستمر النمو على هذا النحو.
فما من شك فى أن حركة المرور فى العاصمة أصبحت لا تطاق وفاقت كل الأوصاف من حيث الاختناق والازدحام التى يمكن أن يطلقها المرء على حالة أغلب الطرقات من وإلى وداخل العاصمة، وأن السير على طرقات العاصمة لا سيما فى أوقات الذروة وحتى خارجها تمثل معاناة حقيقية لا يحسها إلا من احترق بنارها ونار محرك سيارته، زيادة على حرارة الطقس وهو يقضى أكثر من ساعة وسط طوابير السيارات مع ما يرافق ذلك من توتر للأعصاب وأضرار فنية للسيارات وحوادث واصطدامات فى الكثير من الأحيان.
إن الأسباب المؤدية إلى اختناق حركة المرور وسط العاصمة معروفة ومتعددة، وفى مقدمتها التطور المهول لأسطول السيارات فى السنوات الأخيرة، وتواصل هذا النسق التصاعدى لدخول دفعات جديدة من السيارات الشعبية وغيرها، وفى المقابل لم تواكب البنية التحتية من طرقات وجسور ومحولات نفس نسق تطور الأسطول. كما أن النقل العمومى ورغم جميع الإجراءات المتخذة لتحسين أدائه لم ينجح بعد فى الوصول إلى شبكة نقل عصرية ومتطورة وإلى مستوى خدمات قادرة على استقطاب المواطن وجعله يتخلى بصفة إرادية وطوعية عن وسيلة نقله الخاصة واستعمال الأتوبيس والمترو فى تنقلاته.
بالإضافة إلى ذلك، لا تزال العاصمة محور استقطاب العديد من القادمين من الجهات الداخلية للاستقرار بها، كما لا تزال أغلب المصالح الإدارية والوزارات مركزة داخل العاصمة. وإذا ما أضفنا إلى كل هذه العوامل بعض العوامل الظرفية على غرار موسم الذروة السياحية وعودة المسافرين من الدول العربية، نجد أن حالة الاختناق تتعمق والمعاناة اليومية لمستعملى الطريق تتفاقم. بعض العوامل الأخرى التى تزيد من حالة الاختناق والفوضى تحويل حركة المرور، الأمر الذى يؤدى إلى المزيد من الاختناق والمعاناة النفسية والعصبية.
والحديث عن حلول آنية لحل مشاكل حركة المرور داخل العاصمة أصبحت ضرب من ضروب المستحيل، لكن الأكيد أن الوضع الحالى لحركة المرور فى بعض المحاور تتطلب التفكير فى حلول عاجلة لتأمين بعض السيولة فى الحركة.