«التوحُّد» اضطراب في السلوك ونقص في التعبير.. والذكور يدفعون الثمن 4 أضعاف الإناث
كتبت: ولاء شعبان
التوحد هو حالة من الاضطراب النفسى تصيب حوالى 0.02 – 0.05% من الأطفال، يؤدى إلى تدهور نمائى شديد لدى الأطفال فى المهارات الاجتماعية واللغوية ومهارات الاتصال غير اللفظية، ويتعدى حدوث هذه الحالة لدى الأطفال الذكور أربعة أضعاف حدوثها لدى الإناث، إلا أن شدتها لدى الإناث تكون أكبر من الذكور، حيث يبدأ الإضطراب فى سن مبكرة خلال الثلاث سنوات الأولى من العمر.
ويميز اضطراب التوحد هو فشل الطفل فى عمل علاقة مع والديه أو مع الآخرين ويبقى فى عزلة اجتماعية شديدة تصاحبها عدم القدرة على التركيز فى أى شخص أو أى شئ، كما لا يستجيب الطفل المصاب عاطفياً ولا يملك القدرة على إعطاء المتطلبات العاطفية.
ويلاحظ الأطباء نتيجة لذلك حالة من تأخر الكلام لدى الطفل، أما إذا كان الكلام طبيعياً فيكون تكرارًا وإعادة لكلام الغير مثل صدى الصوت، بإيقاع غير حساس يرافقه الكثير من العيوب اللفظية واللغوية الأخرى. كما لا يظهر على الطفل المصاب أثناء فترة الرضاعة السلوك التفاعلى أو التفاعل الاجتماعى، حيث يكون غير موجود أو متأخر، كما لا يأخذ الطفل وضع الاستعداد عندما يحضنه الآخرون، فيما يفضل أن يكون بمفرده فى بيئة ثانية مع ألعابه المحببة أكثر من وجوده مع الأشخاص. وإذا ما فقد الطفل هذه الظروف أو تغيرت عليه فإنه يندفع فى تفاعل غضبان حيث يلقى نفسه على الأرض تارة أو يخبط رأسه بالحائط تارة أخرى.
ومن الملاحظ أن الطفل التوحدى يعبر عن أفعاله أكثر بكثير عما يستطيع التواصل بالكلمات، كما أن بعضهم يتصفون بالتوتر وقلة الهدوء، والبعض الآخر أصحاب ميول عدوانية وتخريبية بما فى ذلك إيذاء النفس .ولا تزال النظريات العلمية عن التوحد غير مثبتة، ولكن التوحد لا يورث من قبل الآباء، فهناك دلائل على وجود أسباب عضوية مثل التعرض للإصابة فى الدماغ، أو استعداد بيولوجى أو عيوب فى الجهاز العصبى. وهناك دلائل حديثة تشير إلى أن مسببات التوحد ناجمة عن أسباب فسيولوجية عصبية، والبعض يفسر التوحد على أنه عيب فى اللغة ولكنه فى كل الأحوال هنالك خلل وظيفى عصبى.
هناك العديد من العلاجات للتوحد، إلا أن الوسيلة الأفضل لمساعدة هؤلاء الأطفال تعتمد فى الأساس على تكوين علاقة معهم تضمن الاستمرار فى التواصل. ويرتكز العمل الذى يؤديه الخبراء السلوكيون المتابعة لحالة هؤلاء الأطفال على أسلوب التواصل معهم، حيث تنبع أهمية الأداء من خلال المقدرة على تكوين اتصال بين عالم الطفل الخيالى وعالمه الحقيقى.
ويرى العلماء أنه لا يوجد هنالك علاج معتمد للتوحد، ولكن هناك وصفات مختلفة حسب إختلاف الحالة، وأن معظم العلاجات قد تصلح لأشخاص ولا تصلح لآخرين .ومهما كانت طريقة العلاج إلا أنه من الضرورى العمل على وضع خطة علاجية خاصة بكل شخص لتقابل احتياجاته المتفردة. وفى معظم الحالات يستجيب مرضى التوحد للأدوية العلاجية مع التعليم، وتشمل هذه الأدوية علاجات حيوية غذائية وعلاجات سلوكية وعلاجات تكميلية. وعموما فإن استخدام العلاجات الحيوية مع العلاجات السلوكية أكثر هذه الطرق فاعلية.
كما أن هناك العديد من العلاجات الحيوية والغذائية المستخدمة فى التوحد إلا أن أكثرها إنتشارًا هى العلاجات الدوائية والتعويض بالفيتامينات والعناصر الأساسية. وتستخدم الأدوية أيضا لتخفيف الأعراض والاضطرابات السلوكية مثل فرط الحركة والاندفاعية وصعوبات الانتباه والقلق، حيث تعمل الأدوية على تقليل الأعراض السابقة وتمكن الطفل من الحصول على أعلى فائدة من التدخلات السلوكية والتعليمية .أما العلاجات السلوكية فقد صممت للتغلب على السلوكيات المضطربة وظيفيا وتنمية مهارات خاصة اجتماعية وتواصلية أو حسية.
القاعدة الأساسية فى التعليم هى أن لكل شخص مصاب بالتوحد طاقاته ونسبة العجز، وبناء عليه فلابد وأن يتوافق التعليم مع احتياجات الطفل الشخصية، ويعتمد هذا النوع من العلاج على الفن والعلاج بالموسيقى والتعايش مع الحيوانات الأليفة، وهذه الطرق العلاجية لا تعد فى حد ذاتها تدخلات سلوكية أو تعليمية، ولكنها تضيف فرصة للطفل لتنمية مهاراته الاجتماعية والتواصلية بالإضافة إلى التدخلات التعليمية والسلوكية.
ويقدم العلاج بالفن طريقة غير لفظية للطفل للتعبير عن مشاعره، حيث تعمل التدخلات الموسيقية على تنمية المهارات الكلامية واللغوية، كما أن العلاج بالحيوانات مثل ركوب الحصان والسباحة مع الدولفين من شأنها العمل على تنمية مهارات الطفل الحركية التى تنمى بالتالى الثقة بالنفس.