بدايته فرعونية .. وأحياه الفاطميون لرؤية “هلال رمضان”
تقرير تكتبه- صفاء أحمد موسى
ينشغل المسلمون مع دخول شهر رمضان في العالم الإسلامي بتزيين منازلهم وشوراعهم احتفالاً بـ”شهر الخير”، الذي يُعيد إلى الذهن كثيراً من التساؤلات حول تاريخ هذه الظاهرة ومدى تأثيرها على المجتمع. فيذكر المؤرخون أن زينة رمضان ظهرت كأحد أشكال الاحتفال بشهر الصوم بداية من القرن الرابع والخامس الهجريين، بالتزامن مع تأسيس الدولة الطولونية، حيث ظهر العديد من المظاهر الخاصة بالاحتفالات، مثل تزيين الشوارع وإضاءة الساحات، التي كان يتم الاعتماد عليها في الأعياد وشهر رمضان.
ويذكر الفيروز أبادي مؤلف القاموس المحيط أن المعني الأصلي للفانوس هو “النمام”، ويرجع صاحب القاموس تسميته بهذا الاسم إلى أنه يُظهر حامله وسط الظلام، وهناك العديد من القصص عن أصل الفانوس، وإحدى هذه القصص أن الخليفة الفاطمي كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان، وكان الأطفال يخرجون معه ليُضيؤا له الطريق. كان كل طفل يحمل فانوسه ويقوم الأطفال معًا بغناء بعض الأغاني الجميلة تعبيرًا عن سعادتهم باستقبال شهر رمضان. وهناك قصة أخرى عن أحد الخلفاء الفاطميين أنه أراد أن يضيء شوارع القاهرة طوال ليالي شهر رمضان، فأمر كل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس يتم إضاءتها عن طريق شموع توضع بداخلها. وتروي قصة ثالثة أنه خلال العصر الفاطمي، لم يكن يُسمح للنساء بترك بيوتهن إلا في شهر رمضان وكان يسبقهن غلام يحمل فانوسًا لتنبيه الرجال بوجود سيدة في الطريق لكي يبتعدوا.
فانوس رمضان المحلي ينافس الصيني
تُعد مدينة القاهرة من أهم المدن الإسلامية التي تزدهر فيها صناعة “فانوس رمضان”، وهناك مناطق معينة تشتهر بصناعته مثل منطقة “تحت الربع” بحي الدرب الأحمر القريبة من منطقة الأزهر التي توجد بها أشهر ورش الصناعة، حيث التقت “الطريق الثالث” مع الحاج مجدي أبوالعدب من أقدم مصنعي فانوس رمضان في شارع “تحت الربع”، والذي تحدث عن قيامه بتصدير فانوس رمضان للعديد من الدول العربية قبل الموسم بثلاثة أشهر، ولديه زبونة تأتي من نيويورك منذ 17 عامًا، تأتي إلى “الربع” وتشتري منه الفوانيس لاسيما من نوع البطيخة، وتحملها معها على الطائرة.
الحاج مجدي أبوالعدب من أقدم صانعي الفوانيس
وعن حجم الإقبال قال الحاج مجدي إنه على الرغم من جائحة كورونا وإحجام الكثيرين عن الشراء، إلا أن الفانوس الفاطمي لاقي إقبالًا كبيرًا وانتعاشًا هذا العام، حيث قل ما يرد من الصين من فوانيس كل عام والتي وصفها الحاج مجدي أنها لا تعتبر فوانيس فهي أقرب إلى الألعاب للأطفال منها إلى الفانوس بمعناه التقليدي. وأيضًا “الغورية”، ومنطقة “بركة الفيل” بالسيدة زينب، وحي الجمالية، وهي من أهم المناطق التي تخصصت في صناعة الفوانيس، وتتوارثها العائلات جيلاً بعد جيل،
وتُعد الفوانيس المصرية ذات عمر طويل، فقد شهدت تطوراً كبيراً في الآونة الأخيرة. وبعد أن كان الفانوس عبارة عن علبة من الصفيح توضع بداخلها شمعة، تم تركيب الزجاج مع الصفيح مع عمل بعض الفتحات التي تجعل الشمعة تستمر في الاشتعال. ثم بدأت مرحلة أخرى تم فيها تشكيل الصفيح وتلوين الزجاج ووضع بعض النقوش والأشكال، وكان ذلك يتم يدوياً وتستخدم فيه المخلفات الزجاجية والمعدنية، وهذا الأمر يحتاج إلى مهارة خاصة ويستغرق وقتاً طويلاً.
معني “وحوي يا وحوي” و”حَلو يا حَلو”
أما عبارة حلو يا حلو: دائما ما يطوف الأطفال بعد تناول الإفطار يلهون ويلعبون بالفوانيس ويتغنون بهذه الأغنية مطالبين الأهالي بقطع من الحلوي مثل الكنافة والقطايف وغيرها، ومن هنا جاءت أغنية “حالو يا حالو .. رمضان كريم يا حالو، و وحوي يا وحوي .. إيوحة“ .. وتشير بعض الروايات التاريخية إلى أن “إيوحة” المقصود بها أم “أحمس”، طارد الهكسوس من مصر، وهي الملكة “إياح حتب” الثانية، والتي ذهب المصريون لها مرددين كلمات “واح واح إياح” أى تعيش تعيش “إياح” للاحتفال بالنصر على الهكسوس.
وأشارت روايات تاريخية أخرى إلى أن هذه الكلمات استُخدمت فى العصر الفاطمى، عندما صنع المصريون أول فانوس لإضاءة الشوارع أثناء الليل واستقبال شهر رمضان بالفوانيس المضيئة، والتى تطورت بعد ذلك بين الفوانيس المصنوعة من زجاجات ملونة وأخرى مصنوعة من لعب أطفال تغنى وترقص لتتحول من وسيلة للإضاءة بالليل إلى لعبة للأطفال.