بقلم/ د. أشرف رضوان
ازداد الهجوم فى الآونة الأخيرة على مستثمرى النصب العقارى الذين يدعون التعثر نتيجة تعويم الجنيه منذ نوفمبر 2016 وحتى الآن، على مرأى ومسمع من المسئولين الذين يعلمون بمطالبهم الغير مشروعة التى يفرضونها على الملاك الحاجزين وحداتهم سواء السكنية أو المصيفية ليلقى المالك مصيره أمام حيتان النصب العقارى بلا سند.
ولابد أن ندرك أن هؤلاء الحيتان لم يُقدموا على الاحتيال على المواطنين إلا عندما يكون الطريق ممهدًا أمامهم. ولكن لابد من اتخاذ الإجراءات الحاسمة من جهة الدولة، كما فعلت ونفذت من قبل مع كل من قام بالبناء على الأراضى الزراعية المخالفة للقانون، وكل من قام بوضع اليد على أراضى الدولة، وكل من قام ببناء أدوار إضافية بدون ترخيص. أما مستثمرى النصب العقارى فهم لم يضروا الدولة في شيء، بل على العكس، فإن بعضهم يسدد الالتزامات المطلوبة عليه من ضرائب ورسوم وغيرها، فلماذا تحاربه الدولة، من أجل مواطن متضرر لا تستفيد منه مثلما تستفيد من المستثمر النصاب.
أما المواطن فكل جريمته أنه وقع فى فخ محتالين النصب العقارى تحت مرأى ومسمع من المسئولين، ومهما ارتفع صوته بالاستغاثة فلن يسمعه أحد، ويحتار فيها البعض من الذين يراودهم شعور بالفضول لمعرفة أسباب سكوت الدولة على هؤلاء المرتزقة بداية من وزارة الاستثمار وحتى وزارة السياحة مرورًا بتنفيذ الأحكام، فليس من المنطق أن سكوت هؤلاء على المخالفين من المطورين العقاريين بمحض الصدفة، فلا قانون يردعهم ولا أحكام تُنفذ عليهم، ويكون الضحية هم الملاك الذين يستقطعون من أقواتهم لسداد الأقساط المقررة عليهم لهذه الشركات.
ومن المعروف أن ظاهرة النصب العقارى قد استشرت فى مدينة رأس سدر التى أصبحت تمثل دولة مستقلة يسيطر عليها أباطرة النصب العقارى فى مصر بعلم الحكومة وموافقتها للأسباب سالفة الذكر. والمواطن المنصوب عليه، إذا وُضع فى مقارنة مع هؤلاء الأباطرة فسوف يكون خاسرًا لا محالة. ولا يبقى أمامه غير الانتظار حتى تأتى معجزة من السماء تصديقًا لقول الله تعالى (إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون) .
ومن أشهر شركات النصب على الإطلاق فى مدينة رأس سدر هى شركة (إ. جروب) والتى يمتك صاحبها شركة أخرى للإنتاج الفنى من أموال ضحاياه من المودعين بجانب مشروعات الشاليهات الوهمية. لقد استطاع صاحب الشركة أن ينتشر كالسرطان داخل المجتمع المصرى مدعومًا بعناصر فاسدة من بعض الجهات التى لا تعرف الشرف ولا تتحدث إلا بلغة المال، لدرجة أن أحد هذه العناصر قد سبق ووقع على اتفاقية مؤامرة على الملاك من أجل سداد أموال إضافية للشاليه. وهذا يؤكد أن صاحب هذه الشركة لم يتحرك بهذه الجرأة وهذا البطش إلا من خلال فئة من الفاسدين.
والسؤال .. ألم تعلم الجهات الرقابية أو التي تُصدر التراخيص لشركات النصب عن الأضرار التي أصابت الحاجزين؟ ألم تعلم عن إصرار صاحب الشركة بالضغط على الملاك لسداد زيادة غير منصوص عليها فى العقود بالرغم من صدور العديد من الأحكام القضائية عليه بالحبس والغرامة وإلزامه بتسليم الشاليهات؟ وأين تنفيذ الأحكام من كم الأحكام التى صدرت عليه ولم يتم تنفيذها؟ والآن تستعد الشركة للإطاحة بالملاك بخطة جديدة وهى رفض استلام الأقساط كنوع من الضغط على الملاك من أجل الاستسلام والخضوع للأمر الواقع وهو التنازل عن الشاليه أو دفع المزيد من الأموال. فأى نوع من البشر هؤلاء الذين استباحوا قطع المياه عن الملاك عقابًا لهم بسبب عدم موافقتهم عن مشاركة الشركة فى دفع أموال إضافية من أجل تحلية مياه الشرب، الأمر الذى استوجب إبلاغ الشرطة التى تحركت على الفور للتحقق في هذه الواقعة.
إن ما يثير الذعر لدى المصريين يتمثل في هذه العناصر الفاسدة خاصة فى ظل ظروف صعبة تمر بها البلاد فى مواجهة التحديات الناشئة عن مشكلة سد النهضة فى توقيت يحتاج فيه المواطن إلى الاطمئنان والإحساس بالأمان فى هذا الشق الذى يمثل أمن قومى. لذلك، لابد أن يتحرك الحكومة لإيجاد حل عاجل وإنصاف ضحايا النصب العقاري ومحاكمة على كل من تسول له نفسه بالعبث فى مقدرات الشعب.