مع من تستمر الحياة؟
بقلم/ محمد نجم الدين
رغم كل شئ ستستمر الحياة ولن تقف عند باب أحد حتى نصل إلى مرحلةٍ ما من حياتنا للتأمل في إشكالية وهي إلى أين ستصل بنا الحياة؟ وكيف سنقضي باقي عمرنا، ومع من سنعيش ما تبقي لنا من سنوات، وما المحيط الذي نتمناه لنقضي باقي حياتنا. تلك تساؤلات تدور في الذهن تخص المرحلة العمرية ما بين الخامسة والثلاثين والخامسة والأربعين.
الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي يألف البشر ويأنس بصحبتهم، ونحن نعلم بقصة آدم عليه السلام أبو البشر عندما كان في الجنة التي “فيها ما لا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خطر على قلب بشر”، وبالرغم من ذلك فقد استوحش أي شعر بالوحشة. كل ما في الجنة من ملذات لم يغنه عن ألفة الصحبة وطارده ضيق الوحدة.
إذاً فنحن نتفق أن الشخص الطبيعي لا يستطيع أن يحيا وحيدًا بمفرده وإلا كان ذلك خروجاً عن المألوف وشذوذاً عن ناموس الحياة، لذا كان من المهم أن يطرح الإنسان سؤالاً في تلك المرحلة العمرية التي تمثل ذروة شبابه، حيث يبدأ في التفكير عن كيف سيقضي المرحلة التالية من عمره وهي مرحلة النضوج، وذلك بعد خوض الكثير من التجارب خلال سنوات عمره، فالبشر يختلفون في طبائعهم وميولهم وصفاتهم واتجاهتهم وسلوكياتهم.
فالبعض يعيش الحياة لاستغلالها والبعض الآخر ليضيف لها، البعض يمنحنا العاطفة والآخر يستنزف مشاعرنا، البعض يشاركنا الأفراح والأحزان والبعض يسعى لسعادتنا، البعض نحتاجه فنجده والآخر يحتاجنا فيجدنا، والبعض في حياتنا فقط نجده عندما يحتاجنا.
إن أهم ما يميز الشخصيات التي يجب أن تستمر في حياتنا أن يكون التعاطي معها عائدا بشكل إيجابي فعال على كلا الطرفين، فمن الطبيعي أن نمنح الحنان فنجد دفء المشاعر، أن نمنح النصيحة الصادقة فنجد المشورة المخلصة، أن نشارك الآخر الفرحة فنجده أول من يدعمنا وقت الضيق والشدة، وهكذا لكى تستمر العلاقات الناجحة لابد أن تكون مبنية على العطاء المتبادل، ولو حتى على الماديات، فنجد الشخص الذي يأخذ لا يعطي فيمله الناس ويبتعدون عنه، حتي الأصفياء الأنقياء ذوي النوايا الحسنة الذين لا يظنون في الغير ظن السوء إذا وقعوا في براثنه فإنهم يفهمونه بمرور الوقت وأيضا يبتعدون عنه.
فعلى المستوى الإنساني أو المادي لابد أن نزن الأمور بميزان حساس فلا نعطي إلا بقدر ما نأخذ، وهذا الأمر يتعلق بمدي صدق وإخلاص الأشخاص من حولنا، فالبعض صادق ومخلص، والآخر مزيف لا يسعى إلا لمصلحته الشخصية ومنافعه الذاتية دون أى اعتبار لشريكه في العلاقه. ولا شك أن بعض البشر يعطي أكثر مما يأخذ وقد يصعب حتي مجاراته في العطاء وهؤلاء الذين لا ينتظرون المقابل بقدر ما يعنيهم تقديرهم الشخصي.