هناك مواقف قد تحدث لتُظهر مدى سذاجة بعض الذين يحلمون باستعداد الأجهزة الرقابية لمراقبة الأسواق بعد حرب روسيا وأوكرانيا .. وأن هؤلاء الحالمون يأملون باستقرار الأسعار بعد انتهاء الحرب، خاصة رغيف الخبز الذى لوحت به الحكومة مرارًا وتكرارًا لرفع سعره، وكادت أن تقترب من التنفيذ لولا مطالبة المواطنين بأن هذه الزيادة ليس لها مبررًا مقنعًا.. أما الآن فمن حق الحكومة رفع سعر رغيف الخبز نتيجة هذه الحرب وكل ما يترتب عليه من ارتفاع أسعار المطاعم وخلافه، بصرف النظر عن استقرار الأسعار فى باقى دول العالم دون تأثر بهذه الحرب على الرغم من استيراد القمح ربما بكميات أكبر بكثير من مصر . فكيف يجرؤ التاجر من الاقتراب من هذه السلعة الاستراتيجية دون أن يكون لديه ضوء أخضر من الحكومة؟! فإذا كان الأمر غير ذلك، فبماذا نفسر عدم وجود الرقابة فى الأسواق؟
ففى بداية الحرب وجهت الحكومة كعادتها رسائل طمأنينة للشعب بقولها: لا داعى للقلق، لأن المخزون الاستراتيجي للقمح يكفى لخمسة أشهر قادمة، ثم تغير التصريح ليصل إلى ثماني أشهر، أى لشهر نوفمبر وهذه مدة كافية لإيجاد البدائل فى استيراد القمح من دول أخرى غير روسيا وأوكرانيا بالإضافة إلى القمح المحلى .. وهذا دليل كاف على عدم الحاجة إلى رفع سعر رغيف الخبز لأن القمح متوفر بالحد الآمن.
لا أحد ينكر المشروعات العملاقة والإنجازات الكبرى التى تمت فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى من أجل غد أفضل، فقد تطورت أمور كثيرة فى كل المجالات وعلى رأسها تسليح القوات المسلحة بالشكل اللائق لمكانة مصر تاريخيا، فقد أصبح الجيش المصرى من أكبر عشر جيوش فى العالم، وعندما يضع الرئيس الخطوط الحمراء لا يمكن لأى دولة أيا كانت قوتها تجاوزها كما حدث فى أحداث سرت الليبية. وقد استطاع الجيش المصرى أن يلقن العالم كله درسًا فى محاربة الإرهاب حتى أطلق على مصر أنها تحارب الإرهاب نيابة عن العالم كله دون الحاجة لمساعدة باقى الدول. فهذا يستحق إمعان النظر فى قوة الجيش المصرى وأن يفخر به كل مصرى في داخلها وخارجها.
مصر تسابق الزمن لكى ترفع من كفاءة الهيئات والمؤسسات المختلفة وتصرف المليارات من أجل تطور البنية التحتية، وبناء مدن عمرانية جديدة، ورفع الرواتب والمعاشات. هذا كله ملموس ولا أحد ينكره. ولكن لماذا يصطدم المواطن بعد ذلك برفع أسعار السلع الاستراتيجية اللازمة للحد الأدنى لمعيشته وأسرته فيزداد الأمر صعوبة.
ربما تحتاج الدولة للاستعانة بخبراء اقتصاد مثل د. صلاح جودة الذى كان يجيد احتراف خلق الموارد التى تدر عائد كبير على الدولة بحسابات بسيطة وغير معقدة، ولماذا لا تستعين الحكومة بمثل هؤلاء الخبراء من أجل تغيير أمور كثيرة لتصب فى مصلحة الدولة والمواطن فى آن معًا؟