بات الوضع مزريًا فى العديد من المراكز الطبية التابعة لوزارة الصحة نتيجة قلة العمالة بداية من العمال ومرورا بالتمريض والموظفين حتى طال هذا الوضع أطباء البشرى الذين يقل عددهم يوما بعد الآخر وذلك بسبب سفر البعض للعمل بالخارج وتفرغ البعض الآخر للنيابات والتحضير للدراسات العليا وتوزيع البعض على المستشفيات دونا عن المراكز لكى تدخل المراكز الطبية فى أزمة كبيرة مما يؤثر على أداء بعضها فى تقديم الخدمة للمواطن.
ففى مدخل كل مركز لابد وأن يكون هناك موظف مختص بصرف تذاكر الكشف للمرضى المترددين إن وجد هذا الموظف وفى أغلب الأحيان لم يتواجد في مكانه إما نتيجة غيابه عن العمل أو بلوغه سن المعاش دون توفير الموظف البديل وذلك بسبب توقف التعيينات الجديدة أو حتى العمل بنظام العقود المؤقتة لأنها قد تسمح بمطالبة الموظف فيما بعد لحقه فى التثبيت على درجة وظيفية وهو ما لم يتوافر فى الحكومة منذ سنوات ولم تسمح الظروف الاقتصادية بذلك.
فى هذه الحالة تلجأ إدارة بعض المراكز التى بها نقص فى العمالة إلى الاستعانة بممرضة للقيام بهذه المهمة منعا لإيقاف سير العمل وهذا بالطبع سوف يؤثر سلبا على أداء الخدمة الطبية نتيجة العجز الشديد فى اعداد التمريض. يضاف إلى هذه الأزمة زيادة الخدمات الطبية فى السنوات الأخيرة متمثلة فى مبادة ١٠٠ مليون صحة التى لاقت نجاحًا كبيرًا لم تشهده وزارة الصحة منذ عقود. ولكنها في الوقت نفسه تحتاج إلى توافر العمالة الكافية لتحقيقها من أطباء وتمريض ومدخلين بيانات. وهذه هى المعادلة التى يصعب تنفيذها مع باقى الخدمات الأخرى فى آن واحد نتيجة الاحتياج الشديد للعمالة الكافية لتنفيذها .
فقد طالب المسؤولين فى العديد من المراكز الطبية بزيادة أعداد العاملين وخاصة عمال النظافة والتمريض ولكن دون جدوى. ربما يكون هناك حلول لهذه الأزمة إذا لم يتمسك هؤلاء المسؤولين بالطرق التقليدية للبيروقراطية والروتين العقيم. وبالفعل خرج القليل منهم بأفكار خارج الصندوق لكى يحافظ على نجاح المنظومة الطبية حرصا على مصلحة المواطن، ومنها البحث عن ممولين لصرف الأجور لعمال النظافة الموسميين وآخرين لتوفير بعض المستلزمات والأجهزة غير المتوافرة، واستطاعوا إن يديروا عجلة العمل دون الاعتماد الكلى على الحكومة.
والسؤال: ماذا لو تعممت هذه التجربة على مستوى جميع المراكز والمستشفيات أيضا، فمشاركة المجتمع المدنى أصبحت ضرورة حتمية خاصة فى ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد وخاصة بعد اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية والتى أصبحت مدخلا لحرب عالمية ثالثة. ولكن هناك بعض المسؤولين تقلدوا مناصبهم ليس من أجل التغيير للأفضل ومصلحة المواطن والمجتمع وإنما من أجل تحقيق مصالح شخصية وأطماع فى الحصول على درجات ترقية أعلى، دون الإحساس بما عليهم من واجبات نحو الوطن.
ربما نحتاج إلى توعية إعلامية كبيرة لتوجيه هؤلاء المسؤولين بضرورة البحث عن حلول والخروج من عباءة الروتين الحكومى والبيروقراطية. ولنتخذ من صندوق “تحيا مصر” مثالا لذلك. فقد استطاع هذا الصندوق أن يضع الكثير من الحلول ويساعد المجتمع بشكل إيجابى بعيدًا عن الحكومة وروتينها الموروث.!!