بقلم/ السيد عبد الله – الكويت
إن المسلمون يعلمون أن السلام هو أحد أسماء الله الحُسنى التى وصف الله تعالى بها نفسه في القرآن الكريم، فالسلام والإسلام كلمتان من أحرف واحدة، وما تعلمناه من ديننا الجميل أنك أول ما تلقى شخصاً تعرفه أو لا تعرفه تحدثه أو تكاتبه تبدأ بكلمة السلام عليكم ورحمة الله، وهى ليست واجبة ولكنها سُنة مؤكدة ومُستحبة، والحكمة من عدم وجوبها كوجوب الرد فى نظرى القاصر حتى يميز الإنسان ناشر السلام نفسه دون غيره، إنها تحية أهل الجنة فيما بينهم، وهى الرد والقول الأحسن أثناء الخطاب مع الجهال من جميع البشر، والسلام والسلم والمسلم والمسالم إخوة تكونوا فى رحم واحدة.
فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، ويده هى قوته وسلطته ومقدرته قلت أو كثرت، ولسانه هو قلمه وكلماته وعلاقاته الشفهية وأفعال اللسان، أحياناً يكون اللسان أحدّ من السيف وأقوى من المدفع، وصفة المسلم الواردة فى الحديث السالف الذكر نادراً ما نراها فى المسلمين بل وفي أنفسنا، فالغضب والتعصب وما يجعل الإنسان مرتبطاً بهذه الدنيا تفقده أقل صفات الإنسانية الطبيعية التى فطر وجبل عليها بل وتجعله مستسلماً ومسلماً نفسه للغرائز البغيضة.
ولن يكون الإسلام إلا سماحة وسلاماً وبناء وعطاء وفرحاً، ولو توجهت لأى طفل فى المرحلة التعليمية المتوسطة وسألته: ما هو الإسلام؟ فستجده حافظاً للحديث الشريف الشهير “إفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام”، وإفشاء السلام لن يقتصر على السلام اللفظى الشفهى بل الصادق القلبى النابع من الفؤاد والروح الساكنة فى أعمال المسلم المسالم، وكذا أن يكون السلام الداخلى قد انطوى بداخل جسد هذا الإنسان فيشرق في أغلب، بل في جميع أقواله وأفعاله، لا أن يسلم عليهم باللسان فقط وقلبه محشو بالحقد يقطعهم إرباً بنفس اللسان ويأكل من لحومهم في غيبتهم.
هذه هي الخطوة الأولى من الخطوات التدريبية التطبيقية لترويض النفس البشرية لتكون مسلمة مسالمة، أما الثانية، إطعام الطعام وهى للجسد والأجساد بعدما يتمكن المسلم من السيطرة على نفسه ويمتطى صهوتها بتحكم وقيادة فرحاً بأنه قد أفلح بعد أن زكاها وعلمها على الجود والسخاء وصار جواداً بعدما أشاع السلام اللفظى بلسانه صار يفشى سلاماً للمعوزين بيده وبكل ما يستطيع ليشبع فقر البشر من جوع الجسد وعريه وفاقته وعوزه، وهو ينفق إطعاماً وإشباعاً للمسغبين وينجيهم من الموت الهاب من رياح المسغبة، هنا ترتفع نفسه بأجنحة العطاء وتحلق وترتقى سلم السخاء وتتدرب النفس بعمقها الثانى المرتبط بالجسد والفكر والنفس على البذل، لتكون المكافأة على ذلك أن يصل الإنسان المسلم المسالم إلى العمق الثالث والأخير مع نفسه وفى نفسه بالصلاة ليلاً والناس نيام، هناك حيث يختلى كل حبيب بمحبوبه ويخلد من يملك شيئاً من حطام الدنيا ليصبح مرتاحاً من النوم والسبات، أما هو فقد كرمه الله حبيب القلوب الصادقة والطاهرة ورب الجود والكرم ليفتح له خطاً خاصاً للاتصال به والدنو منه والاقتراب من حضرته العلية والاستمتاع بألوان المتع واللذات الروحية التى لا توصف وغيره يستمتع بألوان الكوابيس والأحلام وهو في صحبة العلام ذى الجلال والإكرام يتقرب إليه سراً ويطلعه على ما فى قلبه وهو جل وعلا السميع الخبير.