إحصاءات الطلاق والزواج .. أرقام صادمة لـ”أبغض الحلال”
66% من طالبات “الخُلع” في مصر يضربن أزواجهن
كتبت: إسراء حسين
يُعد نظام الأسرة الذى يتسم بالاستقرار والاستمرارية، هو النظام الأمثل للحياة بين الزوجين من ناحية، كما يُعد، من ناحية أخرى، النواة الأكثر صلاحية لتنشئة اجتماعية ونفسية سليمة للطفل. ولعل الأصل الثابت فى نظام الأسرة هو الزواج الهادئ، أما الخلافات الأسرية والمظاهر العديدة للتصدع الأسرى وعلى رأسها انحلال رابطة الزواج بالطلاق، فيتسم بالكثير من السلبيات.
ومن ثم، فإن الشرائع المختلفة، قد حفلت بالعديد من الأحكام لحماية نظام الأسرة، كما حفلت بالعديد من الأحكام لمواجهة سلبيات التصدع الأسرى، خاصة انحلال رابطة الزواج. فبعض الشرائع عمدت إلى منع الطلاق إلا من خلال إجراءات معقدة تتدخل فيها السلطة القضائية و/أو الدينية، وبعضها الآخر عمد إلى ترغيب كل من الزوجين عن الطلاق ووضع الأحكام لتحجيم معدلاته، مع وضع الضمانات القانونية والمجتمعية لضبط الأضرار المترتبة عليه.
الطلاق يُعد من أبرز صور المشكلات الأسرية، ولكن على الرغم من أنه يمثل إشهار لفشل رابطة الزواج فإنه لا يخرج عن كونه محصلة، أو نتيجة، لمشكلات أسرية حقيقية أو مفتعلة أو انفعالية دون أن يكشف عن طبيعة هذه المشكلات وأطرافها سواء داخل الأسرة أو من محيط حركتها وصلاتها الاجتماعية، ومن ثم فإن عدد حالات الطلاق ومنازعاته العرفية أو القضائية، لا يعدو أن يكون مؤشرا تقريبا من حيث دلالته على حجم المشكلات الأسرية. فاستمرار رابطة الزواج لا يعنى خلو الحياة الأسرية من مشكلات عديدة بعضها قد تكون آثاره الاجتماعية السلبية أخطر وأشد عمقا من الطلاق ذاته.
لذا، فإن أرفف محاكم الأسرة تمتلئ بالدعاوى القضائية، التي يحاول الخبراء إيجاد حلول فيها للتصالح بين الطرفين، بعد أن وصلت بهم الخلافات الزوجية لباب المحكمة، لينسى كل منهم الحب والعشرة والمودة التي جمعت بينهما لسنوات، وبعد سماع أسباب كلا الطرفين، وفي معظم الأحيان يفشلون في إيجاد حل يرضي الجميع، يلجأون لتحويل الدعوى سواء خُلع أو طلاق للضرر لقاضي محكمة الأسرة، بناءً على رغبة الزوجة، للنظر فيها، وما يمكن أن تثبته الزوجة أو تحصل عليه من خلال محكمة الأسرة، في العديد من القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية.
فقد كشفت الإحصاءات نقلاً عن محاكم الأسرة أن 66% من قضايا الخلع التي تقدمت بها سيدات مصريات للخلع من أزواجهن تبين خلالها أن الأزواج تعرضوا للضرب على يد زوجاتهم.
زيادة في دعاوى الطلاق والخُلع
حسين السعداوي المحامي بالنقض
في سؤال للمحامي حسين السعداوي بالنقض، عن زيادة دعاوي الطلاق والخلع التي تمتليء بها محاكم الأسرة بالكثير سواء للضرر أو نفقة العدة والنفقة الزوجية، وهل يمكن للزوجة أن تقيم دعوى خلع ضد زوجها، قال: في البداية تتقدم الزوجة لمحكمة الأسرة عن طريق مكتب تسوية المنازعات الأسرية، وحينها تفتح ملف تسوية، وهذه أولى جلسات قضية الخلع، لتكون الجلسة الثانية بعد أسبوعين، وتحضر الزوجة بها لتتنازل عن مؤخر صداقها ونفقة متعتها ونفقة العدة، وخلال ثالث جلسات الخلع تكون الزوجة قد حضرت أمام خبراء نفسيين واجتماعيين، وفي آخر جلسات الدعوى آخر الحكمين وبعدها يتم الحكم بالخلع.
وأضاف بأن المرأة هي الجناح الضعيف عندما يكون الأمر متعلق بـ”المشاكل الزوجية”، ومن حقها رفع عدة قضايا على زوجها في حالة طلب الطلاق، والزوج ليس له حق في رؤية الأطفال، وفي بعض القضايا يأتوا بالطفل ليقف أمام والده وهو في سن 15 سنة، ويسألوه مع من يريد أن يعيش، وفي الأغلب يختار الأم لأنها التي قامت بتربيته. وفي حال ظلم وقهر الرجال، فعلى المرأة أن تطلب الطلاق، ومع ذلك يتطلب الأمر الحصول على الشقة حتى يكبر الأولاد، ومعظم هذه القضايا تنتهي بحبس الزوج، وأن هناك بعض السيدات التي تأخذ موضوع الطلاق على أنه “سبوبة”، ولهذا وقعت قضايا خلع كثيرة.
وأوضح السعداوي، بأن حالات الطلاق قد كثُرت في مُجتمعاتنا العربية، خاصة في مصر، لأسباب عدة يصعب حصرها، والقليل منها ما يُذكر سواء بسبب ارتفاع تكاليف الزواج، وطلبات الحياة الزوجية، وكثرة الإنجاب، والزواج المبكر للشباب والبنات الذي يحدث بسببه حالات طلاق كثيرة، ونرى أن بعض المطلقات لا يزلن في سن صغيرة ولديها أطفال من طليقها صغير السن أيضا والذي لا يستطيع تحمل المسئولية. لذا، فإنه لا شك أن فكرة الطلاق تُعد مدمرة للأطفال، وانهيار للعالم الأسري.
ولعل الأبناء هم أكثر من يعانى من مشاكل الطلاق وآثاره، فاستقرارهم الأسرى وتمتعهم بحنان ورعاية الأب والأم يصبح منقوصا إلى حد بعيد، علاوة على ذلك يعانى الأبناء من تنازع الأبوين وأصولهما لحق الحضانة، ومن مثالب تنظيم حق الرؤية، ومن عدم الانسجام والتوافق فى أسلوب التربية، وتتعقد مشاكلهم أكثر وأكثر إذا تزوج أحد الأبوين، أو كلاهما، ممن لا يعرف حدودًا أو تطغى عليه أطماعه ورغباته الأنانية. ومن ثم فلا عجب أن يكون الطلاق من الأسباب الرئيسية لكثير من مشكلات الجريمة والانحراف.
أهم المشكلات المترتبة على حالات الطلاق
-
معاناة المرأة المُطلقة بالدرجة الأولى، والرجل المُطلق بدرجة أقل، من نظرة المجتمع إليهما بكثير من الشك والريبة فى علاقاتهما الاجتماعية سواء داخل أماكن العمل أو خارجها.
-
يرتبط بمشكلة تزايد وتصاعد المنازعات الاجتماعية والقضائية المرتبطة بالطلاق، والآثار النفسية والاجتماعية والأخلاقية المترتبة على ذلك، مشكلة أخرى بالغة الأهمية، ألا وهى تعقيد فرص إعادة اندماج المطلقين (الرجل والمرأة) فى حياة أسرية من جديد سواء بالرجوع إلى بعضهما أو بزواج جديد من آخرين.
-
تؤدى المنازعات المرتبطة بالطلاق إلى إثقال كاهل الأجهزة القضائية بكثرة وتعدد القضايا المتصلة بهذه المنازعات، مما يؤدى إلى بطء إجراءات التقاضى، وطول فترات الحصول على أحكام، وكلها عوامل تزيد من معاناة أطراف هذه المنازعات وتكلفهم الكثير من الوقت والجهد والمال.
تأثير الطلاق على أطفال المُطلقين
يقول السعداوي: تُعد الآثار السلوكية من أهمها والمتمثلة فى: تدهور في الأداء الدراسي، وتعاطى المخدرات، وسلوكيات جنسية خاطئة في الأعمار المتوسطة، وعملية النكوص (يتصرف الطفل تصرفات لا تناسب مرحلته العمرية كالتبول اللإرادي والصراخ مثلا)، والسرقة، واضطرابات النوم والطعام.
وأضاف بأنه قد أُثيرت مؤخرًا عدة تصريحات لمجموعة من المدافعات عن حقوق المرأة في مصر حول واجبات الزوجة جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي جاءت على لسان المحامية نهاد أبو قمصان، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، حين أجابت على سؤال لأحد المتابعين حول فيديو لها عن عدم إلزام الزوجة بإرضاع مولودها ولو أرضعته، فلها الحق في أن تحصل على أجر مقابل ذلك، حيث ردت قائلة: “دا مش كلامي دا كلام ربنا في سورتي البقرة والطلاق”.
واستندت أبو القمصان في رأيها إلى ما جاء في القرآن الكريم في سورتي “البقرة” و”الطلاق”، حيث يقول تعالى في سورة “البقرة”: “وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ”. وفي سورة “الطلاق” يقول تعالى: “فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ.
الطلاق في مصر.. أرقام صادمة
وحول أحكام الطلاق النهائية، بلغ عدد أحكام الطلاق النهائية 11 ألفا و194 حكما عام 2021 بنسبة زيادة قدرها 38.4% من جملة الأحكام عن 2020، وبلغ عدد أحكام الطلاق في الحضر 10 آلاف و888 حكما بزيادة قدرها 37.4%، بينما بلغ عدد أحكام الطلاق في الريف 306 أحكام تمثل 2.7% من جملة الأحكام. وسجلت أعلى نسبة طلاق بسبب الخلع، وبلغ عدد الأحكام بها 9197 حكما بنسبة 82.2%، بينما سجلت أقل نسبة طلاق بسبب حبس الزوج، وبلغ عدد الأحكام بها 3 أحكام تمثل 0.03% من جملة الأحكام النهائية، وبلغ معدل الطلاق بالحضر 3.3 في الألف عام 2021، وفي الريف 1.9 في الألف، وسجل أعلى معدل طلاق 5.4 في الألف بمحافظة القاهرة، بينما بلغ أقل معدل طلاق 1.1 في الألف بمحافظة أسيوط.