كتب/ د. أشرف رضوان
بعد دراسة عميقة استمرت عدة سنوات فى مجلس النواب عن إمكانية إخلاء الأماكن الحكومية المؤجرة بنظام الإيجار القديم وردها إلى اصحابها بقوة القانون وانتهاء العلاقة الإيجارية .. فقد بدأ التنفيذ فى بعض الأماكن بالفعل ولكن .. عندما صدر قرار رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزورى فى ٢/٤/١٩٩٧ بذلك كان الهدف منه أن تبدأ الحكومة بحسن النية مع توفير بديل عن المكان المؤجر وذلك لكى تستمر الخدمة بدون توقف.
وقد توقفنا عند أحد المراكز الطبية كمثال لعملية الإخلاء وبمتابعة أحداث الإخلاء وجد أن الحكومة لم تستطع توفير بديلا عنه وبالتالي سوف يتم غلق المركز وإنهاء الخدمة التى تُقدم لأهالى المنطقة والمناطق المحيطة به وبالتالى توزيع العمالة الموجودة على مختلف المناطق الأخرى.
والسؤال هنا، هل قرار الإخلاء الذى صدر مؤخرا بمعرفة الجهة التشريعية كان مدروسا بدرجة كافية لكى تصل الأمور إلى حرمان أهالى إحدى المناطق الطبية من الخدمة الصحية به؟! أم أن المُشرع قام بالتركيز فى قراره على رد الأماكن الحكومية لأصحابها بصرف النظر عن الضرر الذى سوف يقع على الجانب الآخر وهو المواطن؟ فمن الطبيعى أن هناك بعض الخدمات التى لن تتأثر بهذا القرار عند إخلاؤها لأنها سوف تؤدى فى أى مكان آخر بدون ضرر على المواطن مثل مصلحة الضرائب أو الشهر العقارى على سبيل المثال، ولكن عندما يخص الأمر صحة المواطن فلا بد أن تكون هناك وقفة وإعادة تقييم للموقف، حيث أن نقل الخدمة الطبية من منطقة إلى أخرى سوف يضر بالمواطن خاصة كبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة الذين تحول ظروفهم دون الذهاب لأماكن بعيدة عن مسكنهم.
لذا، فمن المنطقي أن يستثنى المجلس الموقر المراكز الطبية المؤجرة من هذا القرار مع الاحتفاظ به لصالح الحكومة للاستمرار فى تقديم الخدمة الطبية للمواطن دون توقف مع إصدار قرار نزع الملكية للمنفعة العامة لهذه المراكز وتعويض الملاك ماديا طبقا للقانون رقم ١٠ لسنة ١٩٩٠ الخاص بنزع الملكية.
ولكن لم يحدث أن تنبه المشرع لهذا وقد صدر القرار الذى ظهرت توابعه الآن وقد حدث بالفعل حالة من الاستياء من قبل أهالى بعض المناطق الذين تم حرمانهم من الخدمة الطبية جراء قرار إخلاء المركز الطبى التابع لهم دون توفير بديلا عنه.
إن ما نتحدث عنه هو صحة المواطن التى تمثل أمن قومى، خاصة أن هذه المراكز الطبية تتميز بخدمة مدعمة وتذكرة الكشف بها بقيمة جنيه واحد فى الوقت الذى يعانى فيه المواطن من غلاء الأسعار.
لذلك، وحفاظا على صحة المواطن نتمنى أن يُعاد النظر فى هذا القرار ويتم تعديله من منطلق المصلحة العامة ويتم إنشاء لجان خاصة لهذا الغرض فى حضور جميع الجهات المعنية لتدبير المبالغ اللازمة لنزع ملكية هذه الأماكن الصحية تحت إشراف مجلس الوزراء وفى حضور ممثلين من وزارة التخطيط، والمالية، والصحة، والمحافظة، للخروج من هذه الأزمة حفاظًا على الأماكن الحكومية المؤجرة للأغراض الطبية.