– يفرض الوضع المتأزم الناجم عن وباء فيروس كورونا والتغيرات المناخية والمنازعات والحروب والكوارث الطبيعية والفيضانات … تحديات كبري علي المجتمع بأسره داخلياً وعالمياً وخاصة بالنسبة للأسرة والأطفال والمراهقين والمراهقات وذلك نظراً للعزلة الاجتماعية الإلزامية التي فرضت علي العالم بأسره وتأثير ذلك علي وظائف المواطنين والشعور بعدم الاستقرار الاقتصادي والمستويات العالمية من التوتر والقلق والأشكال الجديدة للتواصل والاتصال البشري مما يؤدي إلي تزايد الضغط النفسي لدي العائلات والمدرسة والمجتمع بأسره ما أدي إلي تعرض أفرادها لخطر العنف الأسري والمدرسي والمجتمعي.
– وإيذاء ذلك سنحاول التطرق بصفة عامة إلي العنف في أعقاب كوفيد-19 والأزمات الدولية سواء أكانت سياسية أو اقتصادية او اجتماعية أو طبيعية مع محاول بيان العنف المدرسي وما يرتبط به من عنف أسري ضد الأطفال وتأثيرهما علي المستقبل المعرفي والتحصيلي والعلمي للأطفال والطلاب وكيف يمكن تجنبه في المستقبل القريب هذا ما سوف يتم التطرق إليه عبر ثلاث محاور رئيسية .
أولاً- العنف بين الحقائق والأرقام:
– يعد العنف والتعرض له سواء في إطار الأسرة أو المدرسة من أخطر أشكال التعرض للإيذاء وذلك لحدوثهما بإستمرار وتأثيرها الكبير علي الطفل والطالب , وعادة ما تشمل أشكال التعرض للإيذاء هذه ووفقاً للتقديرات العاملية 22.6% للاعتداء الجسدي و 36.3% للإساءه العاطفية كما بينت تلك الاحصاءات أو 7.6% من الذكور و 18% من الإناث تعرضوا للإعتداء الجنسي بينما جاء الإهمال الجسدي بنسبة 16.3% والإهمال العاطفي بنسبة 18.4% وفيما يخص تعرض الأطفال للعنف الأسري أو المدرسي فإن التقديرات تشير إلي أن هناك 133 , 275 مليون طفل كل عام ومما يجعل هذين النوعيين من العنف ضد الأطفال بات يجسد مشكلة صحية واجتماعية بالغة الخطورة علي المستوي العالمي.
ثانياً- أسباب وتداعيات العنف الأسري والمدرسي ضد الأطفال والشباب:
إذا كانت جائحة كورونا وما تبعها إجراءات الإغلاق التام والعزلة الاجتماعية وتغيير الخصائص السكانية وانخفاض عدد مراكز الخدمة الصحية المتوفرة أدت إلي زيادة معاناة الأطفال والشباب في الأسرة والمدرسة فإن الأزمات العالمية سواء التضخم أو التغيرات المناخية وأخيراً الحرب الروسية – الأوكرانية قد أدت إلي زيادة معاناة الأسرة اقتصادياً واجتماعياً حيث انخفاض المدخل وزيادة معدلات الفقر وزيادة معدلات البطالة.
وزاد الضغط النفسي علي الأسرة وأفرادها وعلي مستوي التحصيل العلمي والدراسي وأيضا زيادة العنف في المدارس.. وذلك نتيجة أن تلك الأزمات الدولية تسهم في انتشار العنف الأسري وسوء معاملة الأطفال وينتقل العنف بعد ذلك من الأسرة إلي المدرسة وفقاً لمبدأ ( العنف يولد العنف ) حيث أن الإهمال في مرحلة الطفولة يزيد من خطر إرتكابه للعنف في مراحل لاحقه من جيل إلي آخر خاصة مع الدخل المتدني والشدة المالية المزايدة والصعوبات السكنية والتي تؤدي إلي العزلة الاجتماعية والعنف الأسري وفي المدارس.
– وتزامناً مع ذلك، يمكن رصد أهم أسباب العنف المدرسي في ضعف النسيج الأسري نتيجة العزلة واللامبالاه والعنف والعدوانية والذي يتسبب في تعرض الأطفال والمراهقين للتعنيف ما ينعكس علي السلوك العدواني العنيف والذي يمارس ضمن نظام المدرسة غالباً.
وكذلك ضعف الاهتمام الأسري نتيجة للضغوط الاجتماعية والاقتصادية للأسرة بتصرفات أبنائهم مما يخلق لديهم شعور بالوحدة والانجراف نحو السلوكيات السلبية ومنها العنف والعدوانية والتي تسبب بدورها في العنف المدرسي.
كما أن مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت قد يكون لها دوراً فاعلاً فى مشاهدة الألعاب والبرامج والأفلام العنيفة وشهور الأطفال بالتقليد والعدوانية وهذا علاوة على انتشار الجهل والأمية والفقر وارتفاع معدلات الجريمة وتدني المستويات الثقافية والتعليمية في البيئة المحيطة بالطفل أو الطالب مما ينعكس علي تصرفاته وسلوكياته داخل المدرسة أو الأسرة خاصة مع غياب الرقابة والرادع الأسري أو المدرسي أو القانوني وأسلوب المعلمين المتدنى في التعامل مع الطلاب بقسوة.
– إضافة إلي ظاهرة التنمر المدرسي وهي من أكثر أنواع العنف المدرسي انتشاراً حيث يعاني الكثير من الأطفال والطلاب من تنمر الأصدقاء والزملاء في المدرسة أو تنمر المعلمين أحياناً سوءا بالكلام أو بالسخرية أو بفضح الأسرار أو التهكم علي الطفل من مستواه الدراسي المتدني أو التسلط من قبل أشخاص لديهم انتماء طائفي أو عرقي أو غيره.
– وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلي التنمر الالكتروني والذي هو من الأساليب المنتشرة في المدارس وتتمثل بنشر صور خاصة محرجة غير حقيقية أو تلفيق أخبار كاذبة ونشر تعليقات ساخرة عليها أو العمل علي سرقة البيانات أو الصفحات الخاصة الموجودة علي مختلف وسائل الانترنت ومنصات التواصل الاجتماعي واستخدامها بصورة سلبية.