استوقفنى ما وصل إليه الفن فى مصر فى الآونة الأخيرة ولم يكن لدى معلومة مؤكدة عن أسباب التدنى والانحدار الذى وصل إليه معظم ما يقدم سواء من أغانى أو أفلام وأحيانا مسلسلات، فهل هناك مؤسسات أو أجندة خارجية لتوصيل رسالة إلى شباب الوطن والجيل الصاعد للانغماس فى كل ما هو سفيه والابتعاد عن التفكير فى البناء والحضارة والتقدم والمنافسة لدول الغرب، أم اختيار نابع من الجيل الصاعد لكى يعبر به عن سلوك ربما يظن أنه يبتعد عن التخلف ويقترب من التقدم الحضارى!.
فعند سماع كوز المحبة اتخرم .. بعد الأطلال لأم كلثوم .. ماذا ننتظر من هذا الجيل؟! وعندما نشاهد واحدا مما ينسبون أنفسهم للغناء يجهل القراءة حتى لأغانيه عندما يسجلها بصوته فى الأستوديو فيحتاج لملقن بجواره لكى يلقنه الكلمات التى يشجى بها هذا الجيل المُغيب فيُحمل على الأعناق خارج مصر بعد اكتساب شهرته من مصر لكى يهدى له أحد الأمراء سيف من الذهب الخالص مكافأة له على ما يقدمه من انحدار فى الأغنية!
أما فى مجال التمثيل فلا حاجة لأن نتحدث عن نمبر وان الذى حطم كل قواعد العقلانية وفرض الأمر الواقع على جموع المواطنين وأصبح كالدواء المر الذى ليس له بديل. وإذا عدنا للوراء بضع سنين لكى نتذكر ما كان عليه الفن المصرى لكى نعرف مدى الانحدار الذى وصلنا إليه فى الفن وكان سببا فى انتشار جرائم العنف التى استشرت مؤخرا نتذكر فيلم “هذا الرجل أحبه” على سبيل المثال بطولة الفنانة ماجدة والفنان يحيى شاهين ومن إخراج المخرج العبقري حسين حلمى المهندس، وهذا الفيلم مأخوذ عن قصة أجنبية وبالفعل شاهدنا النسخة الأجنبية التى لا تقارن بالفيلم العربى من حيث المستوى فقد تفوق الفيلم العربى بجدارة من حيث الإخراج والإضاءة والديكور والملابس والأداء التمثيلى بالإضافة إلى الموسيقى التصويرية التى جسدت جميع المشاهد باحترافية وخاصة عند المشاهد الخاصة بالفنانة زوزو نبيل والتى أدت دورها ببراعة لم يسبق لها مثيل وهى تؤدى دور المجنونة التى تشكل خطرا على كل من حولها وحتى اختيار الخادمة الخاصة بها فى الفيلم التى جسدت شخصيتها الفنانة نجمة إبراهيم التى استطاعت أن تقنع المشاهد أنه لا يمكن أن يكون هناك أبرع منها لأداء هذا الدور .
هكذا كان الفن فى مصر .. وهكذا كان متفوقا على الفن الغربى، فكيف وصلنا إلى هذا الحال؟ أتذكر عندما كانت المطربة الكبيرة فايدة كامل تشدو بأغانيها الوطنية فيحدث زلزال فى إسرائيل بسبب الأغاني الحماسية للثورة والحرب لدرجة أن رصدت إسرائيل جائزة لمن يتخلص منها إلى أن وصلنا لهذا المستوى من الغناء لكى يتصدر إلينا كوز المحبة اتخرم !
نحن نحتاج إلى صحوة إعلامية ولكن من إعلاميين محترمين يعرفون معنى الوطن والوطنية ليست على شاكلة الإعلامى الذى يستضيف أحد أباطرة الغناء الهابط لكى يرقص معه على الهواء فى الاستوديو. نحن نحتاج إلى من يقود مسيرة الفن المصرى المحترم الهادف لكى تعود الريادة من جديد إلى هوليود الشرق كما أطلقوا عليها من قبل.