أموت عشقًا
بقلم: سحر سلامة
تميل برأسها على كتفه كطفلته المدللة، تأخذ نفسًا عميقًا مستنشقة عبيره فتنثره مع زفرة عشق حارة تدفئ بها العالم من حوله، فهو أروع حب فى حياتها وأعظم إنجازاتها، يقف ليعرفها على أستاذه الذي يحبه ويجله، فهى لم تره من قبل، تغمض عينيها لثوان، تتذكر كلما كان يعود بصحبة والده من المسجد ويقول (بابا أرأيت ماذا قال معلمى اليوم؟ إنه يحثنا على كذا وكذا) ويطول النقاش بين صغيرها ووالده وتشاركهما اختيه بشغف واهتمام وهم يجلسون فى حلقة دائرية فى حجرة المعيشة، يدق قلبها عشقا وأملاً مع كلمة بابا فتنادى من المطبخ: بابا لقد انتهيت من عمل الحلوى، هل تحب أن تأكل منها الآن؟ فيصيح الجميع نعم هاتها الآن يا أمي، تنضم للنقاش الدائر حول شرح حديث شريف أو آيه قرآنية وهى تقدم لهم الحلوى.
تمر السنين، يموت الأب ويسافر المعلم وتقف وحيدة فى معركة الحياة تنتصر لهم جميعا، تكره ضعفها فتضعه فى تابوت الذكرى ليظل نارًا متقدة تحت رمال الواقع المرير، تفتح عينيها وتعود مرة أخرى لحديث مطول معه وقد لمس مرارة الهزيمة بداخلها وهو لم يعلم أن من يموت والده ويسافر أستاذه ويفقد قدوته يقسو على كل من حوله لكى يبدو صلبًا وربما قتل قلبًا عاشقًا له، تتركه وتنصرف وقد قرأت فى عينيه بعض الكلمات: ما أروع أن نعيش بالحب لا أن نموت من أجل من نحب.