إعداد/ سيد حاج
عرف السودان الجنس العربى قبل الإسلام بعدة قرون عن طريق التبادل التجارى بين الجزيرة العربية والشاطئ الإفريقى، ويظنّ أن بعض ملوك حمير استولى على أجزاء من هذا الشاطئ أو من أرض الحبشة، وتؤكد هجرة المسلمين فى بدء الدعوة الإسلامية من مكة إلى الحبشة أن أهل الحجاز كانوا يعرفون الشاطئ المقابل وسكانه من الحبشة والسودان . ولكن ليس هذا هو التعرب الذى نريده، فنحن لا نريد معرفتهم بالجنس العربى ومتى بدأت، إنما نريد تكلمهم بالعربية ومتى أصبحوا يعدّون شعبا عربيا، ولم يحدث ذلك إلا بعد إسلامهم وبعد هجرة قبائل عربية كثيرة إليهم.
وكان أول احتكاك بين العرب المسلمين وأهل السودان فى عهد الخليفة عثمان إذ أرسل إليه واليه على مصر عبد الله بن سعد بن أبى سرح سنة ٣١هـ/٦٥١م حملة تغلغلت فى مملكة مقرة الشمالية إلى عاصمتها دنقلة وكانت دولة مسيحية أدخلتها مصر قديما فى الدين المسيحى مثل مملكة علوة جنوبيها والحبشة. وانتصر الجيش المصرى انتصارا حاسما وعقدت بين مصر ومقرة معاهدة كان من بنودها صيانة المسجد الذى بناه المسلمون بدنقلة وخدمته وإضاءة السراج فيه ليلا. ونسمع عن عشائر من قبيلة بلىّ وجهينة نزلت فى قبائل البجّة شرقى السودان، وبالمثل عبرت عشائر من هوازن البحر الأحمر إليها. ويحدث أن تغير قبائل البجّة على أسوان فى عهد المأمون فيرسل إليها حملة تقهرها وتعقد معها معاهدة تنصّ على أن لا تهدم البجّة شيئا من المساجد التى بناها المسلمون فى سائر ديارها طولا وعرضا. وبذلك فتحت الأبواب على مصاريعها لنزول القبائل العربية بين أهل البجّة، ونزحت إليها عشائر كثيرة من قبيلة ربيعة عملت فى مناجم الذهب بوادى العلاقى الممتد من أسوان إلى عيذاب، واستطاعوا أن يدخلوا فى الإسلام من البجة عشائر معروفة باسم الحدارب، ويقول المسعودى هم وحدهم الفئة المسلمة فى البجة لزمنه سنة ٣٢٤ هـ/٩٣٥ م ويدل على كثرتهم أن أحد زعماء ربيعة هناك بشر بن إسحاق كان يركب فى ثلاثة آلاف من ربيعة وأحلافها من مضر واليمن وثلاثين ألفا من مقاتلة البجّة وكلهم من الحدارب. وكانت لغة أهل البجة حاميّة وتسمى التبداوية، وكانوا ينتشرون من عيذاب إلى كسلا، وأخذ الإسلام -ومعه العربية-ينتشر بينهم مع مر الزمن، ودخلت لغتهم من العربية ألفاظ كثيرة، ولايزال بعض البجاويين وخاصة فى الغرب يحتفظون بالتبداوية مع تكلمهم بالعربية، يقول نعوم شقير عن قاطنى «سواكن» من البجة إنهم يتكلمون البجاوية فى منازلهم ومجالسهم الخاصة، ولكنهم فى المجالس العامة يتكلمون العربية.
وظلت مملكة مقرة النوبية المسيحية تقاوم الإسلام والعروبة قرونا، وتغير على ميناء عيذاب المصرى وأسوان فى عهد الظاهر بيبرس، فيرسل إليها حملة تأديبية، وتتغلغل فى ديارها حتى دنقلة، ويفرض عليها ولاءها لمصر وأن يكون ملكها نائبا فى النوبة عن بيبرس، ويولّى عليها نائبا له ملكا مسيحيا من أهلها وتظل تحاول الاستقلال عن مصر فى عهد قلاوون وتتطور الظروف فى عهد ابنه الناصر ويولّى عليها سنة ٧١٦هـ/١٣١٦م ملكا مسلما من نفس الأسرة المالكة. وسرعان ما استولت على مملكة مقرة النوبية قبيلة ربيعة ونشرت بها الإسلام وبذلك انمحت مملكة النوبة المسيحية نهائيا، وظلت مملكة علوة المسيحية جنوبيها تحاول مقاومة النفوذ الإسلامى إلى أن قضت عليها نهائيا دولة الفونج الإسلامية. ومعروف أن اللغة النوبية إحدى اللغات الحامية فى السودان. ولا يزال أهل بعض مناطقها يستخدمونها فى حياتهم اليومية، ودخلها كثير من الألفاظ العربية حتى لتبلغ كما يقول الدكتور عبد المجيد عابدين ثلاثين فى المائة من مجموع ألفاظها وكانوا يستعملون معها العربية.
وعوامل متعددة جعلت غربى السودان يعتنق الإسلام، منها نزول تجار مملكة البرنو والكانم الإسلامية فى أسواق دارفور وكردفان، ومنها مرور حجاجهم بتلك المنطقة ورؤيتهم لهم وهم يفرشون سجاجيدهم ويصلون داعين الله أدعيات مختلفة، ومنها هجرة كتلة ضخمة من قبيلة زوارة المغربية المسلمة ومن عرب الشاوية (رعاة الشاة) إلى إقليمى دارفور وواداى فى القرن الخامس الهجرى، وقد كونوا مملكة إسلامية كبيرة، كان من ملوكها الملك سليمان وشملت مملكته الكانم وواداى وشطرا كبيرا من دارفور. وكانت تسود فى الغرب لغات حامية وبربرية على ألسنة المهاجرين إلى الغرب من زوارة وعربية على ألسنة الشاوية ونوبية على ألسنة التنجور المهاجرين من دنقلة إلى دارفور. واختلف أهل الغرب، منهم من يتكلم العربية إلى جانب لغته الأصلية: البربرية أو النوبية أو الحامية بجانب العربية، ومنهم من يتكلم العربية وحدها مثل سكان قبيلة القمر إلا ما كان من جماعة أبى جوخة.
وواضح أننا لا نصل إلى القرن العاشر الهجرى إلا وقد أخذت أجزاء من السودان تتعرب نهائيا مثل حدارب البجة، وأجزاء أخرى أخذت تضيف العربية إلى لغتها الأصلية كما فى البجة والنوبة وبعض جوانب الغرب فى دارفور، ما عدا سكان قبيلة القمر فإنهم تكلموا العربية ونسوا لغتهم الأصلية . وتؤسّس دولة الفونج فى سنار سنة ٩١٠ هـ/١٥٠٤ م وتعلن أنها دولة إسلامية فى نظمها السياسية والإدارية وأن العربية لغتها الرسمية وكتبت بها وثائقها، وشجعت العلماء على تدريس الفقه والعلوم الإسلامية والعربية وأخذت تحدث نهضة علمية فى بلادها التى امتدت شمالا حتى الشلال الثالث وشرقا حتى حدود الحبشة والبحر الأحمر وغربا حتى بعض مناطق كردفان وجنوبا حتى منطقة نهر السوباط وبحر الغزال، فكل هذه المناطق عمت فيها دولة عربية إسلامية-هى دولة الفونج-لمدة ثلاثة قرون، بحيث نستطيع أن نقول إن السودان تعرّب فى عهد هذه الدولة. ومرّ بنا ما كان بها من طرق وتجمعات صوفية وما كان بها من نهضة ثقافية، وتأسست فى جبال النوبا غربى السودان الأوسط مملكة تقلى سنة ٩٧٧ هـ/١٥٧٠ م وظلت إلى أواخر القرن التاسع عشر وقد عملت بقوة على إتاحة الفرصة للعناصر العربية بالتوغل فى الشمال الشرقى من تلك الجبال، ووضعت نصب عينيها نشر الإسلام والعربية وشجعت القبائل العربية فى حوض النيل وشرقى السودان على الهجرة إليها. وتأسست فى دارفور سلطنة أسستها قبائل التنجور القادمة من بلاد النوبة وقبائل الكنجارة القادمة من إقليم بحيرة تشاد، ويبدو أنهم كانوا من عرب الهلالية الذين اكتسحوا تونس فى القرن الخامس الهجرى إذ كانوا ينتسبون إلى أبى زيد الهلالى. وقامت هذه السلطنة سنة ١٠٤٦ هـ/١٦٣٧ م وظلت حتى سنة ١٢٩١ هـ/١٨٧٥ م وتبعتها واداى وبرنو فى عهد ملكها الأول سليمان سلونج، وعملت هذه المملكة طوال عهدها على نشر الإسلام والعربية، ومثلها كردفان.
وكان بدوى أبو صفية يأتى ببعض أهل جبال النوبة إلى مدينة الأبيض، فيحفظهم القرآن الكريم والضرورى من الفقه وعلم التوحيد، ويعيدهم إلى بلادهم لنشر الإسلام. ويمكن القول بأننا لا نصل إلى أواخر عهد دولة الفونج فى أوائل القرن التاسع عشر الميلادى إلا وقد تعرّب السودان، ما عدا بعض الجبال الشاهقة المنعزلة التى لم يتح للقبائل العربية الاختلاط بسكانها مثل جبل مرة فى أقصى الغرب وما عدا سكان قبيلة الأمرأر من قبائل البجة بجوار الحبشة لوعورة المسالك إليها مما جعلها تتأخر فى التعرب بالقياس إلى أخواتها من قبائل البجة. ووصل التعرب إلى بيئة الغابات فى الجنوب عن طريق بعض القبائل العربية مثل البقارة فى كردفان وبنى سليم عند كاكا على النيل الأبيض، ولهم فضل تعرب الشلك ومثل اختلاط عرب الزريقات بقبائل الدينكا فى بحر العرب. وأكثر أجزاء هذا التعرب كانت تستخدم لغاتها المحلية بجانب العربية، وأخذ هذا التعرب يستقر ويتسع مع مر الزمن طوال القرن التاسع عشر.(1)
اللغة النوبية فى رحلة استيطانها داخل وادى النيل
تعد اللغة النوبية، التى يتحدث بها سكان منطقة وادى النيل فى جنوب مصر وشمال السودان، البالغ عددهم نحو 11 مليون نسمة، واحدة من أعرق اللغات الحامية المنتشرة فى أفريقيا والسودان، فقد ظهرت فى القرن الثالث قبل الميلاد، لكنها لم تكن أول لغة محلية تستخدم فى هذه المنطقة، فقد سبقتها اللغة الفرعونية، ثم اللغة المروية التى حلت محل الفرعونية بعد انقطاع صلة سكان الوادى بمصر، وكانت تكتب بطريقتين، إحداهما عن طريق الصور (الهيروغليفية)، والثانية بواسطة الحروف (الديموطيقية)، وعددها 23 حرفاً منها 4 معتلة، و19 ساكنة.
وبحسب باحثين فى تاريخ اللغة النوبية، فإن النوبية وفدت إلى منطقة وادى النيل بواسطة قبائل قدمت من شمال غربى أفريقيا عبر أقليم كردفان الواقع فى غرب السودان، خلال فترة سقوط مملكة مروى، لتحل محل اللغة المروية التى لم يستطع أحد حتى الآن فك رموزها. لكن فى بدايتها كانت النوبية لغة تحدث فقط، ومع دخول المسيحية فى القرن السادس الميلادى، وبروز الحاجة لترجمة نصوص الإنجيل، قام النوبيون باستخدام الحروف القبطية ذات الأصل اليونانى، لتدوين لغتهم النوبية بعد إضافة ثلاثة أحرف إليها، ليصبح عدد أحرفها 34 حرفاً. بالتالى أصبحت لغة تحدث وكتابة، وأداة للتواصل المعرفى بين الأجيال، فضلاً عن إسهامها فى ترسية قواعد الحضارة والثقافة فى هذه المنطقة من أدب وشعر وفن وغناء وقصص وروايات، وغيرها.
أوشكرين ونوبين
يوضح الباحث السودانى فى اللغة النوبية مكى على إدريس، أن الكيفية التى برزت بها اللغة النوبية مازالت غامضة، بحيث لم يعلم أحد كيف ومتى ظهرت هذه اللغة، لأن الفجوة الزمنية ما بين آخر الوثائق المكتوبة بالمروية، وأقدم الوثائق النوبية المكتوبة، نحو أربعمائة عام. لكنه يشير إلى أن هناك ثلاث ممالك نوبية مسيحية تأسست فى شمال وأواسط السودان، استخدمت الخط الإغريقى (المعدل) لكتابة اللغة النوبية، فى الشؤون الرسمية للدولة.
ويبين الباحث أن الكنائس النوبية لعبت دوراً كبيراً فى إبطال الكتابة بالخط المروى. ويقول فى ذلك المؤرخ الكندى بروس تريجر، “بعد انهيار مملكة مروى على يد الأكسوميين، بقيادة عيزانا الحبشى، حلت اللغة النوبية محل اللغة المروية تدريجاً، وسادت فى وسط السودان وشماله، أما اللغة المروية التى شغلت وادى النيل الأوسط، فقد فعلت ذلك على ما يبدو مدة معتبرة من الزمن. أما فى أراضى السهول إلى الغرب فقد كانت هناك كتلة كبيرة من المتحدثين باللغة النوبية. وفى وقت مبكر من العصر المسيحى، شق بعض المتحدثين بأحد فروع اللغة النوبية طريقهم شمالاً، إلى أرض النوبة الحديثة، بينما شق بعضهم طريقه شرقاً إلى منطقة الخرطوم، وحلت النوبية محل المروية، وبعد غزوات العرب اختفت اللغة النوبية من المنطقة الأخيرة، وانتشرت العربية داخل أراضى السهول”.
ويرجح تريجر أن انقسام اللغة النوبية فى شمال السودان إلى لهجتين، يرجع إلى هجرة جماعة تتحدث اللغة النوبية من شمال كردفان إلى ضفاف النيل الشمالية فى قرون سابقة، فانقسمت اللغة النوبية النيلية فى شمال السودان إلى لهجتين الأولى تسمى “اوْشْكِرينْ”، ويتحدث بها سكان إقليم دُنْقُلا فى شمال السودان، وسكان منطقة الكُنُوز فى جنوب مصر، واللهجة الثانية هى “نوبين”، ويتحدث بها سكان مناطق المَحَسْ والسكوت وإقليم وادى حلفا (فاديجا) . وهناك فروق ضئيلة بين اللهجتين فى تصريفاتهما اللغوية، وبعض مفرداتهما وتعابيرهما وإن اتفقتا فى أساسهما القاعدى.
لكن إدريس يزعم بأن انقسام اللغة النوبية إلى لهجتين، لم يكن بسبب الهجرات التى أشار إليها بروس تيرجر، قائلاً إن “العصبيات التى سكنت فى حوض النيل الشمالى، كانت تتحدث بلغات مختلفة. فقد تتحدث مجموعات المحس والسكوت والحلفاويين باللغة النوبية “نوبين”، بينما تتحدث الدناقلة والكنوز باللغة النوبية “أوشكرين”، حتى يومنا هذا”. وإن أهم ما يميز اللغة النوبية بقسميها “نوبين، وأوشكرين”، انتشارها فى الرقعة الجغرافية ذاتها، التى سادت فيها حضارات حوض النيل فى شمال السودان وجنوب مصر، وقدرتها على التعبير عن تفاصيل الحياة والتراث والقيم، كلغة مكتوبة، بعد اكتشاف قواعدها وخصوصياتها فى تفاصيل بناء الأسماء وصياغة الأفعال.
ويلفت إلى أن الهجرات المستمرة للسكان من شمال السودان إلى أواسطه وغربه، بسبب عوامل الجفاف والتصحر، والغزوات الخارجية والصراعات السياسية، ساعدت فى انتشار الثقافة ومفردات اللغة النوبية فى أنحاء السودان، ما جعل للثقافة النوبية كبير الأثر فى الثقافة السودانية بوجه عام، وبصفة خاصة فى المناطق التى هاجر إليها النوبيون فى مناطق الحرازة بكردفان، والبرقد والميدوب فى دارفور، وفى جبال النوبة فى جنوب كردفان، مروراً بالامتداد الثقافى فى أعالى النيل الأزرق، وأخيراً النوبة الذين هُجروا إلى أرض البطانة فى شرق السودان، عند قيام السد العالى عام 1964.
طرق الكتابة
ويتابع الباحث السودانى فى تاريخ النوبة، «كتبت اللغات النوبية النيلية، بالأبجدية المصرية القديمة فى مملكة كرمة، والخط المروى فى مملكة مروى، وبالأبجدية النوبية، فى الممالك النوبية المسيحية. ففى بدايات القرن التاسع عشر أعد بيركهارت قائمة مفردات نوبية، وأضاف كل من المؤرخين دى كادالفين ودى بروفيرى عام 1819 قائمة مفردات، ظهرت فيها الخصائص الصوتية للكلمات النوبية، باستخدام الأشكال الكتابية التالية: a.e.u.o.i للتعبير عن أحرف العلة القصيرة والطويلة، وهى: (الفتحة، والفتحة الممالة، والضمة، والضمة الممالة، والكسرة).
كما نشر إنجيل مُرقص عام 1860 فى برلين، مكتوباً بالحروف اللاتينية، بواسطة أحد النوبيين السودانيين، وقد ظهرت عدة طبعات من هذا الإنجيل النوبى حتى العقد الأول من القرن العشرين، ثم نشر المستشرق راينيش قاموسه الألماني- النوبى، والنوبي- الألمانى، بحسبان اللهجات الدُنْقلاوية- الكنزية، والمحسية – الفاديجا، لهجات متباينة للغة نوبية نيلية واحدة. كما قام عالم المصريات الألمانى كارل ريتشارد ليبسيوس فى 1880 بدراسة قواعد اللغة النوبية، محتويةً على قاموس ألماني-نوبى، ونوبي-ألمانى، وقد استعمل الحروف اللاتينية لكتابة لغة “نوبين”. وفى ذلك الوقت تحديداً فى عام 1906 كانت مخطوطات اللغة النوبية قد عُرفت عن طريق المؤرخ الألمانى إريك إشميدت، والعالم البولندى شافر بوصفها لغة نوبية، ثم دُرست وأجرى تحليلها من قِبل قريفث عام 1913، وتسيهيلارز عام 1928.
وفى عام 1909، نشر الإنجليزى واليس بدج، صوراً لمخطوطات نوبية فى حالة جيدة فى المتحف البريطانى، وفى عام 1913 وُضع الأساس الأول الثابت لدراسات اللغة النوبية على يد الإنجليزى قريفث، بعد اكتمال الحفريات فى قصر إبريم على يد مارتن بلومى، والأمريكى جيرالد براون، ونُشرت نصوص اللغة النوبية فى ثلاثة أجزاء.
قام رائد اللغة النوبية محمد متولى بدر بإصدار كتابه الأول عن اللغة النوبية عام 1955، متضمناً بعض المقتطفات من اللغة الدُنْقلاوية والكنزية، وقائمة للمفردات النوبية، واستعمل الحرفين الإنجليزى والعربى لكتابة اللغة النوبية. وأصدر فى عام 1978 كتابه الثانى “الأمثال النوبية”، كذلك صدر له فى العام نفسه كتاب “متولى بدر” عن مبادئ القراءة مستخدماً اللاتينية كوسيط لكتابة الجمل النوبية، كما فعل فى كل أعماله.
وكتب المؤرخ الأميريكى جيرالد مايكل براون فى عام 1979 أكثر من ستين عنواناً فى أبحاثة ودراساته عن اللغة النوبية، خلال عقدين من الزمان، باستخدام الحرف اللاتينى. وفى عام 1980 نشر الألمانى آرثر سايمون نماذج من الأغانى النوبية بلهجتى “نوبين” و”أوشكرين”، وفى العام نفسه نشر المؤرخ الألمانى رونالد فيرنر كتابه عن قواعد لغة “نوبين”. كما أنهى محيى الدين شريف مخطوطته عن مبادئ قراءة الفاديجا بالإنجليزية فى عام 1955 . وبعد عام نشر مختار خليل كباره قاموسه النوبي-الألمانى، مستخدماً الحروف النوبية القديمة، تدشيناً لمرحلة جديدة، وتبعه بإصدار أول كتاب لتعليم الأبجدية النوبية عام 1997، مستخدماً أحرف اللغة النوبية القديمة تمهيداً لاستعمالها فى كتابة اللغة النوبية.
وأصدر كل من الهادى حسن أحمد، وألفا لى هويلر كتابهما عن مبادئ القراءة النوبية فى عام 1977، مستخدمين الحروف اللاتينية. ثم بادر مركز الدراسات النوبية والتوثيق فى القاهرة فى عام 1997 بتقديم تجربة الكتابة بالأبجدية النوبية فى كتاب بعنوان: “اللغة النوبية: كيف نكتبها؟” . وفى عام 1998 نشر أحمد سوكارنو عبد الحافظ منهجه حول كيفية استخدام الحرف العربى لكتابة كل من لغة نوبين والدُنْقلاوية الكنزية، وظهر قاموس يوسف سنباج فى 1998 مستخدماً الحروف اللاتينية فى كتابه اللغة النوبية. (2)