مقترح مجلس النواب .. واستقالة الأطباء!
بقلم/ د. أشرف رضوان
رغم الارتفاع الجنوني في أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية وغيرها، لدرجة أصبح فيها الجنيه المصري عديم القيمة، إلا أنه لا يزال يحتفظ بقيمته فى وزارة الصحة، حيث أن سعر تذكرة الكشف فى الوحدات الصحية التابعة للوزارة “جنيهًا واحدًا” فقط، بالإضافة إلى صرف العلاج مجانًا.
وإذا تطرقنا إلى الخدمات المقدمة في تلك الوحدات فسنجد أن أسعار التحاليل الطبية لا تزال تتراوح بين ٢ جنيه و١٢ جنيهًا حسب نوع التحليل. أما عيادات تنظيم الأسرة فهناك بعص الخدمات التى تؤدى بالمجان وأخرى بأسعار رمزية، وتوفير المستلزمات اللازمة لهذه الخدمات لم يكن مكلفًا، إلا أن هناك بعض التخصصات تكاد تتوقف بها معظم الخدمات نتيجة ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية الخاصة بها مثل علاج الأسنان، وهذا يعود إلى ارتفاع سعر الدولار وهي الشماعة التي يلجأ إليها بعض التجار للتراجع عن توريد البضائع بالأسعار القديمة قبل التعويم مما آثار أزمة فى تغطية خدمات الأسنان بالشكل المطلوب.
ومن ناحية أخرى تقدم العديد من المسئولين بطلبات لزيادة أسعار الخدمات حتى يتسنى لهم القدرة على شراء هذه المستلزمات إلا أن القائمين على المنظومة يحذرون من الاقتراب من هذا الملف لأنه يمس دعم الصحة والتى ربما تكون سبب فى انطلاق شرارة الغضب فى الشارع المصري. ولكن النتيجة جاءت عكسية حيث تسببت في انعدام تقديم الخدمة بسبب عجز المستلزمات والتى اقتصرت على خلع الأسنان فقط فى كثير من الوحدات دون تقديم المزيد من الخدمات إلا فى بعض المراكز الطبية .
فقد صدرت مؤخرًا تعليمات بتطوير بعض المراكز الطبية لتكون مُميزة وتتوافر بها جميع الخدمات وتعمل على مدى ٢٤ ساعة كبداية لتعميم التجربة على باقى المراكز الطبية المشابهة. وتُعد هذه الخطوة جيدة في حال إذا ما توافرت المستلزمات على مستوى جميع التخصصات وهو ما يجعل المواطن يُعيد الثقة مرة أخرى فى المنظومة الصحية. ويتردد أن مع انطلاق هذه المنظومة سوف تكون السبب في ارتفاع بسيط فى أسعار الكشف بما يتناسب مع نوعية ومستوى الخدمات التى تُقدم للمواطن.
أما المبادرة الرئاسية “١٠٠ مليون صحة” فهي الوحيدة التى تحافظ على مستوى الخدمات الخاصة بها حتى الآن، وهذا يعود إلى توافر الدعم الخاص بها. ومن ناحية أخرى هناك عقبات تعوق تقديم بعض الخدمات مثل قلة أعداد التمريض والأطباء البشريين فى الوحدات والتى لم تصل إلى حلول جذرية حتى الآن والسبب أن معظمهم يعملون فى المستشفيات لتغطية الأولويات بها، وبالتالي يحدث عجز فى أعداد الأطباء والتمريض فى الوحدات الطبية، أما السبب الآخر فهو استقالة العديد من الأطباء مما أدى إلى آثار سلبية فى تقديم الخدمة، أما باقى الأطباء فيفضلون السفر إلى الخارج للحصول على مرتبات تساعدهم على المعيشة الكريمة دون الحاجة إلى العمل فى عدة أماكن لزيادة دخلهم لكى يتغلبوا على ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.
ومعلوم أن مجلس النواب بصدد إصدار قانون بمنع الأطباء من الاستقالة قبل عشر سنوات من التخرج أو رد المبالغ التى صرفتها الدولة عليهم خلال فترة التعليم . ولم يفكر فى أسباب الاستقالة ومحاولة الوصول إلى حلول تضمن بقاء الأطباء والعدول عن الاستقالة. فكيف يعمل طبيب بمرتب لا يتجاوز أربعة آلاف جنيه، ومطلوب منه التفرغ التام بهذا المبلغ؟! لذلك لابد من إيجاد حلول تضمن المعيشة الكريمة للطبيب، وفى الوقت نفسه تقديم الخدمة المميزة للمواطن وهذا لن يحدث إلا ببعض التنازلات أو التضحيات مثل زيادة أسعار بعض الخدمات بما يتناسب مع غلاء المعيشة وتخصيص نسبة من هذه الزيادة للعاملين فى الحقل الطبى كحافز يساعدهم على سد احتياجاتهم المعيشية والعدول عن فكرة الاستقالة. أما الفقراء فمن السهل عمل بحث اجتماعي لهم ومعالجتهم بالمجان، وبذلك يتم الوصول إلى حلول مرضية لجميع الأطراف دون المساس بالمواطن الفقير الذى يعلق عليه أصحاب اتخاذ القرار شماعة فشلهم!.