بقلم: أحمد فيظ الله عثمان
مدير عام الإدارة التعليمية بالمعادى سابقًا
تُعد مهنة التعليم من أشرف المهن التي يقوم بها الإنسان، كذلك تعتبر عامل أساسي في تقدم الدول وبناء المجتمعات الناجحة. ومن هنا، يتضح أن من يرغب في التصدي لهذه المهنة والعمل بها أن يتحلى بعدة صفات وآداب تؤهله لأن يكون معلماً ناجحاً ومؤثراً في الأجيال التي تريده، وفيما يلي سنتناول الآداب التي ينبغي أن يلتزم بها المعلم والتلميذ.
آداب التلميذ :
يجب أن يطهر عقله وقلبه من الأدناس ، لكى يكون صالحا لقبول العلم وحفظه واستثماره ، وأن يقطع كل علاقة تشغله عن كمال الاجتهاد، فقد قال الإمام أبو حنيفة ، يستعان على العلم بجمع الهمم، وقال الإمام الخطيب البغدادى يستحب لطالب العلم أن يمنع كل ما يشغله عن إكمال طلب العلم ، وأن يتواضع وينقاد للعلم وللمعلم ، ولا يأخذ العلم إلا ممن كملت أهليته وظهرت ديانته ، وكان له خلق جميل ، وذهن صحيح وإطلاع تام دائم ، وينبغى أن ينظر إلى معلمه بعين الاحترام والرجحان ويروى عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أنه قال : من حق العالم عليك أن تسلم على الجميع عامة وتخص العالم بالذات بالتحية والإكرام .
فعندما يدخل التلميذ على أستاذه يدخل بكامل هيبته ، فارغ القلب والعقل من الشواغل نظيفا طاهرا مقلم أظافره ورائحته مقبولة ويسلم على الحاضرين بصوت مسموع ويخص أستاذه بزيادة التكريم، وينبغى أن يكون حريصا على التعلم ، مواظبا عليه فى جميع أوقاته ولا يضيع الوقت فى غير العلم إلا عند تناول الطعام ووقت الراحة والنوم. وما أجمل قول الإمام الشافعى : حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم فى الاستذكار فى العلم وإخلاص النية لله تعالى فى إدراك علمه ، والرغبة إلى الله تعالى فى العون عليه ويقال أجود أوقات الحفظ : الأسحار ثم الغداة ، وحفظ الليل أنفع من حفظ النهار لفراغ البال ، وهدوء الحركة ووقت الجوع أنفع من وقت الشبع .
وينبغى أن يبدأ فى الحفظ والمطالعة والتكرار بالأهم فالأهم وينبغى أن يرشد زملاؤه وغيرهم من الطلبة إلى مواطن الاشتغال والفائدة ويذكر لهم كل ما استفاده على جهة النصيحة والمذاكرة .
من آداب المُعلم:
يجب أن يتأدب المُعلم بالآداب الإسلامية والشيم المُرضية وأن يحرص دائما على الإخلاص والصدق والأمانة وحسن النية والترغيب فى العلم وفضله وفضل العلماء ، وعليه أن يكون سمحا يبذل ما ما حصّله من العلم ، سهلا على مبتغيه، متلطفا فى إفادة طالبيه مع الرفق والنصيحة والإرشاد ، ولا يدخر شيئا من أنواع العلم يحتاج إليه التلاميذ ، ويجب ألا يتكبر ولايتعظم عليهم ، بل يلين لهم ويتواضع فقال الله عز وجل فى أواخر الآية 88 من سورة الحجر : (واخفض جناحك للمؤمنين).
ويجب أن يكون المُعلم حريصا على تعليم تلاميذه مهتما بهم مؤثرا لهم على حوائج نفسه ويرحب بهم عند إقبالهم عليه ويظهر لهم البشر وطلاقة الوجه ويحسن إليهم دائما ولا يكون مغاليا فى ما يفرضه عليهم فالرحمة مطلوبة فى هذه الأيام العصيبة، ويجب أن يتفقدهم ويسأل عمن غاب منهم ويبذل ما فى وسعه فى تفهيمهم وتقريب الفائدة إلى أذهانهم ،حريصا على هدايتهم ويحاول أن يصلح المعوج منهم بالنصح والارشاد ، ويشرح لكل تلميذ بحسب فهمه وحفظه فلا يعطيه ما لم يحتمله ولا يقصر به عما يحتمله بلا مشقة ويخاطب كل تلميذ على قدر درجته وبحسب فهمه وعقله وهمته فيكتفى بالاشارة لمن يفهمها فهما محققا ويوضح العبارة لغيره ويكررها لمن لايحفظها إلا بالتكرار ، ويذكر الأحكام موضحة بالأمثلة ،
ويجب أن يحسن المُعلم خلقه مع جلسائه ويوقّر فاضلهم بعلم أو سن أو صلاح أو شرف ويتلطف بالباقين ، وعليه أن يجلس فى موضع بارز ليظهر للجميع ، ولا يرفع صوته زيادة عن الحاجةأوزيادة عن المحتاج، ولا يخفضه خفضا يمنع بعضهم كمال فهمه ويصون مجلسه من اللفظ وسوء الأدب ويذكر الحاضرين أن كل هذه الاجتماعات يجب أن تكون لله عز وجل وحده فلا مناقشة ولا مشاحنة بيننا بل سبيلنا الرفق والحياء والاستفادة واجتماع قلوبنا على الحق وحصول الفائدة قال ابن مسعود : (يا أيها الناس من علم شيئا فليقل به ، ومن لا يعلم فليقل الله أعلم) وقد أوضحت الآية الكريمة 86 من سورة (ص) ما فيه الكفاية “قل ماأسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين”. والله تعالى أعلى وأعلم وأعز وأكرم ولله عز وجل الحمد والفضل من قبل ومن بعد
وهذا جهدى وما أردت إلا النفع لإخوانى محبى العلم والمعرفة والثقافة ولكى يكون أثرا صالحا نافعا (يلحقنى ثوابه إن شاء الله بعد انقطاع عملى وأنا فى الدار الآخرة (إنّا نحن نُحى الموتى ونكتب ما قدّموا وآثارهم وكل شىء أحصيناه فى إمام مبين) سورة يس الآية 12، (وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ) سورة هود 88 .