بقلم- أحمد فيظ الله عثمان
مدير عام الإدارة التعليمية بالمعادي سابقًا
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
فى شهر رجب من كل عام يحتفل المسلمون بذكرى رحلة الإسراء والمعراج. والإسراء كلمة مأخوذة من السّرى ويعنى السير ليلا بهدوء وفى الاصطلاح هو انتقال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام من مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى فى رحلة أرضية، أما المعراج فهو رحلة سماوية تمت بانتقال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام من بيت المقدس إلى السموات العلا ومنها إلى سدرة المنتهى وحتى لقى الله سبحانه وتعالى.
هذه الرحلة حدثت فى ليلة السابع والعشرين من شهر رجب، والإسراء معجزة من معجزات النبى، حيث أن الرحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى كانت تستغرق نحو أربعين يوما قطعها الرسول عليه الصلاة والسلام فى رحلة الإسراء فى جزء من الليل.
وفى ليلة الإسراء فُرضت الصلاة كل يوم وليلة وأول ما فُرضت خمسين صلاة ولكن سيدنا موسى عليه السلام قال لسيدنا محمد: “إن أمتك ضعيفة لا تطيق ذلك فسل ربك التخفيف، ولا يزال يسأل ربه التخفيف حتى صارت خمسا فى العدد وخمسين فى الأجر”.
ومناسبة الإسراء والمعراج مناسبة جيدة لمراجعة النفس وحسابها ومحاولة تطهيرها وتنقيتها،
وتلك هى الحكمة من المناسبات الدينية فى الإسلام. أما رحلة المعراج فكانت من المسجد الأقصى إلى السموات العلا حتى سدرة المنتهى وعندها جنة المأوى، وقد اختلف العلماء فى هل رأى سيدنا محمد ربه فى معراجه هذا أم لم يره؟ وذلك لاختلافهم فى المقصود من قوله تعالى: “ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى”، النجم 9 ، 10.
وفى هذه المعجزة رأى الرسول عليه الصلاة والسلام آيات كثيرة منها:
1 – نزول جبريل عليه السلام بغير وحى هو أول آية والأصل فى الروح الأمين عليه السلام أنه ينزل إلى الأرض بوحى من السماء ولكننا فى هذه المرة نراه ينزل إلى الأرض ليصحب خاتم الأنبياء .
2-الآية الثانية هى البراق ، وهى أداة تحمل شكل الدابة لكنها تنطوى على قوة قادرة على اختراق قوانين المكان والزمان ، أداة أسرع من الضوء بلايين المرات.
3- إن حادث الإسراء والمعراج استضاقة ربانية من الله لرسوله..أراد أن يطلعه على عجائب ملكه ويريه غرائب آياته ويعلمه منازل القرب منه ليشد من عزمه ويفتح له الآفاق الواسعة ليستمد منها كفاحه وجهاده خاصة بعد أن ضاقت نفسه فى هذه السنة وزاد حزنه بسبب انقطاع الوحى ومعاندة الكفار من قريش ثم وفاة عمه وزوجته السيدة خديجة ..وقد علم الرسول فيها أسرار الخلق فى السموات والأرض .. واستطاع أن يعلم الكثير من آيات ربه
وعجائبه.
وعن دعاء النبى فى ليلة الإسراء والمعراج، فله أجرا عظيما يسعي إليه كل مسلم ليغفر الله له ويرزقه، حيث أن الدعاء الآتي اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ، يعتبره البعض دعاء هذه الليلة المباركة نظرًا لما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة عن قيمة هذا الدعاء بشكل عام، وخلال ليلة الإسراء والمعراج تحديدًا.
فقد أصبح الاحتفال بهذه الذكرى العطرة عيدا عزيزا على المسلمين يحتفلون به ويستلهمون منه معنى تكريم نبيهم إذ خصه الله بالضيافة وكلفه فيها بالصلاة وتحديد أوقاتها وهى ركن الدين من أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين ..وليس من شك فى أن الصلاة هى دوام التفكر والاتصال بالله سبحانه وتعالى والمثول بين يديه.
نتوجه إلى الله سبحانه وتعالى أن ينصر إخواننا فى فلسطين على المعتدين المجرمين وتعود الأراضى المقدسة لأصحابها.