د. أشرف رضوان يكتب: أداء الحكومة ومعاناة المواطن
د. أشرف رضوان
يندهش الشعب المصري من جفاء الحكومة خاصة فى ملف الأسعار ومن صمت مجلس النواب على أداءها المستفز للمواطن. ولم تكتف الحكومة مؤخرًا بغلاء المواد البترولية والتى ترتب عليها بالطبع غلاء معظم السلع الاستهلاكية الاستراتيجية دون قيود بل استمرت فى التلاعب بعقول المواطنين بطرح المزيد من ارتفاع الأسعار فرفعت سعر أسطوانة البوتاجاز بنسبة ٥٠% ليصبح سعرها ١٥٠ جنيه بدلا من ١٠٠ جنيه والتي يجب فى المقابل رفع الحد الأدنى للمرتبات والمعاشات طبقا للدستور لمواجهة هذه الأعباء التى تقع على كاهل الأسرة المصرية .
هذا بالإضافة إلى زيادة رسوم المرور على الطرق السريعة والزيادة المطردة فى استهلاك الكهرباء، وما خفى كان أعظم . فكلما تخطر فكرة للحكومة لرفع أسعار أى شىء تُنفذ فورا دون مراعاة لمحدودى أو متوسطى الدخل بل وصل الأمر إلى الطبقة فوق المتوسطة دون الرجوع إلى مجلس النواب الذى من وظيفته الأساسية البحث فى مشكلات المواطن وإيجاد الحلول المناسبة فى ظل الظروف المعيشية الصعبة، وكأن الطرفين حكومة ومجلس النواب قد اجتمعا على الاتحاد ضد الشعب لتوجيه المزيد من الضربات التى يمكن أن تفقد الوعى وعدم القدرة على النطق أو الاعتراض .
إن الأمر أصبح لا يحتمل والحكومة تتعالى على المواطن لدرجة أنها لم توضح أو تشير إلى الأسباب التى تؤدى إلى الاستمرار فى رفع الأسعار والغلاء الذى أدى وسيؤدى إلى حالة من الخلل العقلى والنفسى للمواطن للبحث عن طرق غير شرعية لسد احتياجاته وأسرته، ناهيك عن أسعار العلاج المرتفعة بشكل جنونى وندرة وجوده فى الصيدليات، والارتفاع الرهيب فى الرسوم الدراسية .. الخ.
السؤال: تجار الجملة والقطاعى الذين يتحججون بأن الدولار فى ارتفاع مستمر والرسوم الجمركية تُسدد بالدولار فمن حقهم طرح بضائعهم فى السوق وتحقيق هامش ربح وبالتالى يقع المستهلك فى المحظور لاحتياجه لهذه السلعة وبالسعر المُعلن. فهل الحكومة عاجزة على السيطرة والتحكم فيما يعانيه الشعب من جشع هؤلاء التجار، لأن الشعب يعانى من حكومات ليس لديها رؤية مستقبلية واضحة أو خطة زمنية توقف من خلالها الحرب على المواطنين .
نعم .. إنها حرب تعلنها الحكومة على المواطن لدرجة أنه أصبح لا يخاف فى حياته اليومية إلا من مفاجآت الحكومة وقراراتها التى تتسبب فى أذى من جراء الغلاء الذى شل جيوب وعقل الناس . ومن ناحية أخرى يخرج علينا العديد من خبراء الاقتصاد مؤكدين وجود ثروات طبيعية تكفى لإطعام الشعوب العربية كلها متطوعين بعرض الحلول إلا أن المشكلة تأتى من سوء الإدارة كالعادة . وكلما تشارك دولة عربية باستثمارات بالمليارات مثل رأس الحكمة تبعث الأمل من جديد ويظن الشعب أن الحياة سوف تسير للأفضل مع خفض الأسعار إلا أنه يحدث العكس ولا أحد من المسئولين يود الإدلاء بأية تصريحات لتوضيح أسباب الغلاء الغير مبرر .
نسمع ونرى يوميا فى وسائل الإعلام المختلفة بأن الدولة تعمل جاهدة على رفع الدعم بالكامل . فى أى دولة يكون رفع الدعم مرتبط بمرتبات تكفى لتغطية الحياة المعيشية ولكن كيف ترفع الحكومة الدعم عن مواطنين من أصحاب المعاشات لا تتعدى مرتباتهم الأربعة آلاف جنيه ومطلوب أن يغطى هذا المبلغ السكن والكهرباء والغذاء والدواء والتعليم للأبناء؟! فهى حكومات تعمل دائما ضد المنطق وكأنها جاءت للانتقام وليس لحل مشكلات المواطنين. يقول المثل رحم الله امرىء عرف قدر نفسه لذلك فعلى الحكومة أن تستقيل فى حال فشلها المتكرر وعدم قدرتها على إدارة الأزمات بل فهى من يصدر الأزمات للمواطن بزيادة الأسعار بصورة مستفزة . وعلى الجانب الآخر لا بد أن نعترف بفكر ومجهود السيد كامل الوزير وزير النقل والصناعة والذى يستحق أن يطلق عليه وزير هذه المرحلة فبمجرد أن اعتلى كرسى وزارة الصناعة أصدر قرار بعودة تشغيل المصانع المعطلة وهذا القرار كنا ننتظره كثيرا ولم يجروء أحد من الوزراء السابقين على فتح هذا الملف ولا نعرف الأسباب فعودة تشغيل المصانع يعطى الفرصة للإنتاج والتصدير وتقليل الاستيراد وبالتالي توافر الدولار بشكل كبير مما قد يخفض من سعره أمام الجنيه، هذا بالإضافة إلى انخفاض معدل البطالة لاحتياج العمال لتشغيل المصانع . أما باقى الوزارات فلم نسمع عن مشروعاتها المستقبلية التى تصب فى مصلحة المواطن !!.
ولم نندهش بسبب الارتخاء فى أداء الحكومة، لأن التقصير يبدأ من الموظف الصغير إلى أن يصل إلى المسئول الكبير وهذا يفسر لنا لماذا نجح علماء مثل أحمد زويل ومجدي يعقوب وفاروق الباز فى الخارج ولم ينجحوا فى الداخل!! .