25 يناير  “ثلاثة وسبعون عامًا”.. تاريخ حافل بالبطولات للشرطة المصرية

استشهاد 50 ضابطًا وجنديًا وإصابة 80 في معركة غير متكافئة بالإسماعيلية

متابعة- راجية محمد

د. أشرف السويسي “صحفي” يروى قصة كفاح والده السيد محمود السويسي “ضابط شرطة” في معركة وملحمة الإسماعيلية.

ضابط شرطة السيد محمود السويسي

 

يقول د. أشرف: بدأت معركة وملحمة الإسماعيلية في 25 يناير 1952، بعد وصول حالة التوتر بين مصر وبريطانيا إلى ذروتها عقب زيادة الأنشطة الفدائية ضد معسكراتهم وجنودهم وضباطهم في منطقة القناة، بالتزامن مع ترك أكثر من 91 ألف عامل مصري معسكرات البريطانيين للمساهمة في حركة الكفاح الوطني، وأيضًا امتناع التجار من إمداد قوات الاحتلال البريطاني بالمواد الغذائية.

لذا، سيظل يوم 25 يناير 1952 سجلاً حافلاً بالبطولات، قدم فيه رجال الشرطة عملاً بطوليا، فيه وقعت ملحمة ومعركة الإسماعيلية التي راح ضحيتها 50 شهيدًا و80 جريحًا. وتُعد صفحة من صفحات التاريخ المشرف للشرطة المصرية التي كتبت تاريخًا بطوليًا عندما خاضت معركة حقيقية قبل 73 عامًا تخليدًا لذكرى معركة الإسماعيلية ضد الاحتلال الإنجليزي، والذي قدمت فيه قوات الشرطة – بمساندة المواطن المصري – درسًا في التضحية وحب الوطن عندما واجه رجالها قوات الاحتلال، وظلوا في أماكنهم رافضين رفع الراية البيضاء داخل مبنى المحافظة، لتحتفل مصر بعيد الشرطة في هذا اليوم الخالد.

 

تكاتف الشعب مع الشرطة

تُعد “معركة الإسماعيلية” مثالًا يحتذى به على تكاتف الشعب مع الشرطة تحت راية هدف واحد، هو مقاومة الاحتلال الإنجليزي. ومن هنا كانت بداية المعركة، فنشاط الفدائيين وأفعالهم أزعج حكومة لندن، وهددت باحتلال القاهرة إذا لم يتوقفوا، غير أن الشباب لم يهتم بهذه التهديدات ومضوا في خطتهم غير عابئين بالتفوق الحربى البريطاني، واستطاعوا بما لديهم من أسلحة متواضعة أن يكبدوا الإنجليز خسائر فادحة‏.

د. أشرف السويسي

 

يقول د. أشرف السويسي ابن السيد محمود السويسي “ضابط شرطة” وأحد أبطال معركة الشرطة بالإسماعيلية عام 1952 أن والده قد أُعير إلى بلوكات النظام التي تُسمى حاليا قوات الأمن وكانت أشبه بالإعارة ولبى النداء وحضر معهم وبعد أيام قليلة بدأت معركة الشرطة مع قوات الاحتلال البريطاني. وفي السابعة صباح 25 يناير انهالت القذائف البريطانية من المدافع والدبابات لتدك مبنى المحافظة وثكنة البلوكات التي تحصن بهما رجال الشرطة البالغ عددهم نحو 850 فردًا، وتصور القائد البريطاني “إكس هام” أن القوة الغاشمة التي استخدمها ضد رجال الشرطة الذين سقط أغلبهم ما بين شهيد وجريح ستجبرهم على الاستسلام، فأوقف ضرب النيران وطلب منهم الخروج من المبنى بدون أسلحتهم، لترفض قوات الشرطة المصرية هذا الإنذار، وأبلغته إلى فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية، في ذلك الوقت، والذي طلب منهم الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.

 

جاء الرد على لسان النقيب مصطفى رفعت بالرفض فاستأنفت القوات البريطانية قصفها العنيف بطريقة وحشية لأكثر من 6 ساعات حتى حولت المبنيين إلى أنقاض، وهو ما لم يفتت عضد رجال الشرطة الذين كانوا مسلحين ببنادق قديمة من طراز “لي أنفيلد” في وجه مدافع ودبابات الاحتلال البريطاني رافضين الاستسلام، حتى نفدت ذخيرتهم بعدما سقط منهم نحو 50 شهيدًا و80 جريحًا الذين رفضت قوات الاحتلال إسعافهم، وأوقعوا 13 قتيلا و12 جريحا في صفوف القوات البريطانية التي بلغ عددها نحو 7 آلاف جندي.

 

وعقب نفاد الذخيرة اضطر رجال الشرطة للاستسلام، لكن موقفهم الباسل دفع القائد البريطاني وجنوده لأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من مبنى المحافظة تقديرا لبسالتهم في الدفاع عن موقعهم، وكان والدي من ضمن القليلين الذين بقوا على قيد الحياة مع القائد إلى أن دخلت القوات البريطانية ثكنات المحافظة واحتلتها. ولم يكتف البريطانيون بالقتل والجرح والأسر، بل قاموا بهدم قرى مسالمة تابعة للمحافظة، لاعتقادهم أنها مقر يتخفى فيه الفدائيون، مما أثار الغضب في قلوب المصريين، فنشبت المظاهرات لتشق جميع شوارع القاهرة مليئة بجماهير غاضبة تنادى بحمل السلاح لمواجهة العدو الغاشم، لتكون معركة الإسماعيلية الشرارة التي أشعلت نيران الثورة.

 

يقول: رجع والدي مرة أخرى إلى بلوكات بورسعيد. وبعد مرور أربع سنوات كان العدوان الثلاثي وطالت المعركة أرض بورسعيد والسويس وقد اختار والدي رحمة الله عليه أن يقاوم الاحتلال وكان يكافح بالبندقية التي سلمتها الدولة لكل فدائي فكانت للدفاع عن وطنه ومقاتلة القوات البريطانية مع الفدائيين وعندما وصل أمر جهاده إلى  جنود الاحتلال قاموا بمداهمة المنزل للبحث عن البندقية التي أخفاها أحد الجيران بسطح أحد المنازل المجاورة. فكانت أرض بورسعيد  بأهلها الفدائيين تحارب العدوان الثلاثي إلي أن انتصرت إرادة الله وإرادة أبطال شعب بورسعيد البواسل وبذلك سجلوا أهم انتصار للمقاومة ضد ثلاث دول مسلحة ومدربة .. لكن تم النصر من عند الله  وكان دفاع البطل محمود السويسي عن بلده ووطنه.

 

ومنذ ذلك اليوم، أصبح 25 يناير عيدًا للشرطة المصرية، وفي عام 2009 تم اعتماد هذا اليوم ليكون عطلة رسمية في مصر.

Comments (0)
Add Comment