زهرة شوشة تكتب: الصيام .. مدرسة أخلاقية

عندما نتحدث عن الصيام يتبادر إلى الأذهان فورا الامتناع عن الطعام والشراب لساعات طويلة. لكن جوهر الصيام أعمق بكثير من مجرد كونه تدريبا على الصبر أو اختبارا لقوة الإرادة. إنه تجربة إنسانية وروحية تفتح أعيننا على معاناة الآخرين وتعلمنا تقدير النعم التي نعيشها، مهما بدت لنا بسيطة.

في حياتنا اليومية نأكل ونشرب دون توقف للحظة ونتأمل في قيمة ما بين أيدينا، لكن عندما نصوم نشعر بجوع الفقير الذي لا يجد قوت يومه ونستشعر معاناة الشخص الذي لا يستطيع الحصول على كوب ماء نظيف بسهولة. فالصيام يجعلنا ندرك أن ما نعتبره “اعتياديا” هو في الحقيقة رفاهية يتمناها الكثيرون.

هذه التجربة تجعلنا أكثر إنسانية لنلتمس أعذار المحتاجين ونشعر بمعاناتهم بدلاً من أن نحكم عليهم من بعيد. ليس هذا فقط، بل إن الصيام يعيد تشكيل علاقتنا بالأشياء البسيطة رشفة الماء عند الإفطار لقمة الخبز التي تملأ الجوف حتى الهواء الذي نستنشقه دون مشقة كلها تصبح نعما نشعر بقيمتها الحقيقية. هذا الإحساس العميق يولد في داخلنا الامتنان فنشكر الله على ما لدينا ونتعلم ألا نأخذ الأمور كتحصيل حاصل، بل ننظر لكل شيء نظرة تقدير واحترام.

وهكذا الصيام، ليس مجرد طقس ديني، بل هو رحلة وعي تضعنا في مكان من يعاني وتفتح قلوبنا للتعاطف والتراحم، وتعطينا دروسا في تقدير الحياة بكل تفاصيلها.

Comments (0)
Add Comment