صدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حين قال: “إذا فتح الله عليكم مصر، فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا، فذلك الجند خير أجناد الأرض“. وقد تجسدت هذه النبوءة في أروع صورها يوم العاشر من رمضان عام 1393هـ، الموافق 6 أكتوبر 1973، عندما سطر الجندي المصري بدمائه الطاهرة واحدة من أعظم الملاحم العسكرية في التاريخ الحديث.
كان العدو يمتلك أحدث أنواع الأسلحة والمعدات الحربية ودعما دوليا غير محدود، لكنه افتقد ما لا يمكن شراؤه بالروح القتالية والإيمان بالحق. أما الجندي المصري، فقد امتلك مفاتيح النصر بقلبه الصادق وإيمانه القوي وعقله الذي صاغ تخطيطا محكما أربك قوى العالم العسكرية. فلم تكن قوة العدو التقنية عائقا أمام الجنود المصريين الذين أبدعوا في تكتيكاتهم القتالية ونجحوا في استخدام “الذكاء البشري” لكسر غرور العتاد العسكري للعدو الصهيوني، عبروا القناة واقتحموا خط بارليف الحصين في ست ساعات في معجزة حيرت الخبراء العسكريين.
فكيف استطاعوا تدمير تحصينات كان العدو يُظن أنها لا تقهر! رغم أن المعركة وقعت في شهر رمضان لم يكن الصيام عائقا أمام الجنود المصريين، بل كان دافعا إضافيا يمنحهم القوة الروحية والعزيمة الصلبة. لقد قاتلوا بإيمان وأن معركتهم ليست مجرد استعادة أرض، بل دفاع عن العقيدة والكرامة. كان الجندي المصري يعلم أن النصر لا يُقاس بالسلاح وحده بل بقوة الإرادة والتضحية.
لم يكن الجندي المصري مجرد محارب يسعى للقتال فقط بل كان فارسا شريفا يقاتل لاسترداد الأرض لا للانتقام. وحينما تحقق النصر لم يعتدى على الأسرى ولم يسعى للدمار غير المبرر بل كان انتصاره عنوانا لاستعادة الحق والكرامة.
التاريخ العسكري أثبت أن الجيش المصري لا يُقهر، وأن كل من يحاول المساس بأرضه مصيره الفشل والهزيمة. إن الجندي المصري لا يعرف الاستسلام، ولا يقبل الهوان، وهو على استعداد للتضحية بروحه في سبيل وطنه. حفظ الله مصر أرضا وشعبا وأدام عليها النصر والمجد.