سناء مصطفى تكتب: التقنية .. واختراق الخصوصية الأسرية

يشهد العصر الحديث تغيرات فى شتى المجالات الناتجة عن التطور التقني والمعلوماتي، الأمر الذي أسفر عن طفرة في جميع الممارسات التى انعكست على التنشئة الاجتماعية. فلم تعد مصادر التربية منحصرة في الأسرة والمدرسة، بل امتدت إلى تأثير الإعلام السمعى والمرئي على التربية.

وبظهور الهواتف الذكية بما فيها الهواتف النقالة وأجهزة التابلت المحمولة، كان لها العديد من الإيجابيات والسلبيات. أما عن إيجابياتها، فقد سمحت بتعدد مصادر المعرفة وأصبح من اليسير على الفرد الوصول إلى المعلومات على مستوى العالم في ثوان معدودة، وأصبح من السهل تبادل الأفكار والاطلاع على الثقافات المختلفة والاستفادة من التجارب والخبرات الدولية والتعامل مع قواعد بيانات وبنك معرفة ثري بملايين الدراسات.

أما عن السلبيات فهي تتمثل في الإدمان للتقنية التى وصلت إلى حدوث انفعالات في حالة انقطاع شبكة الإنترنت أو انتهاء باقتها، فضلا عما وصلت إليه الأسر المصرية من عزلة اجتماعية، فكل من لديه هاتف محمول يعيش في جزر منعزلة وكل فرد في عالم فضائي خلف شاشات الهواتف المحمولة.

لقد تفتتت وتفككت العلاقات الأسرية، وصار الجميع يتواصل تقنيا عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي داخل حجرات البيت الواحد، مما تأثر به كيان الأسرة من توفير سبل التنشئة الاجتماعية وما تقتضيه من إرشاد وتوجيه ورعاية وإنصات وصداقة وتربية وعناية. لقد غابت القدوة بالممارسة والنمذجة وتم استبدالها بمحاكاة لبرامج التيك توك التى أسفرت عن سلوكيات استحدثت على المجتمع كوسيلة للتربح السريع دون عناء أو جهد.

انتشرت الفيديوهات والكليبات التي لا تتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا الشرقية العربية والإسلامية ولا مع ثقافتنا الأصيلة.. اختلط فيها الحابل بالنابل، لا هدف منها ولا مغزى ولا درس ولا عبرة بل ذاعت فيها خصوصيات الأسر وأسرارها وامتلأت الشاشات بالترندات فصارت إحداهن أكثر شهرة من بنت الشاطئ، وصار أحدهم قدوة الشباب في الرقص العقباوى فغابت القدوة واندثرت القيم واضمحلت الفضائل، وأصبحنا مستهلكين للتقنية، في حين أن الغرب قد وظفها في العلم ونجح في توظيفها لخلق جيل رابع من الحروب التى اخترقت الشعوب وخربت العقول دون تكلفة مادية بأسلحة وذخائر لأنها ببساطة تتم بالضغط على أزرار الموبايل.

لذا وجب ترابط كافة الجهات المعنية بالتنشئة الاجتماعية لتنمية الوعى لدى الأبناء والطلاب وأولياء الأمور بأهمية المتابعة وخلق تواصل مستمر بين أفراد الأسرة وتكامل كل المؤسسات بما يضمن توافر مقومات التربية الإيجابية القويمة وحسن استخدام هذه التقنيات بما ينفع البشرية.

Comments (0)
Add Comment