في عيد العمال: لوحات تؤرخ لكفاح الأيدى الشغالة
تكتبها- أمنية حجاج
يحتفل العالم بعيد العمال فى الأول من مايو ، وهو يوم لإحياء ذكرى النضالات والمكاسب التاريخية التى حققها العمال والحركة العمالية.
وتعود جذور هذا الاحتفال إلى منتصف القرن التاسع عشر، حيث كانت الولايات المتحدة تعيش أوج ثورتها الصناعية، وكان العمال المهاجرون إلى «العالم الجديد» يمثلون الشريحة الأكبر فى القوة العاملة، حيث كانوا يعملون لساعات عمل طويلة، وفى ظروف قاسية، وذلك مقابل أجور متدنية لا تكفى أقل احتياجاتهم، مما اضطرهم لخوض نضال طويل من أجل إنهاء الاستغلال.
وفى عام 1886، دعا اتحاد نقابات العمال فى الولايات المتحدة إلى إضراب فى الأول من مايو لتحديد ساعات العمل بثمانى ساعات يومياً، وشارك فى هذا الإضراب أكثر من 300 ألف عامل حيث تعرض بعضهم للقتل فى مدينة شيكاغو، على أيدى الشرطة، كما تعرض البعض الآخر للملاحقة القضائية والمحاكمة، فصدرت أحكام بالإعدام والسجن، لكن النضال استمر حتى تحققت مطالبهم.
وعبر الفنانون التشكيليون عن كفاح العمال فى المهن المختلفة سواء كانوا من الرجال أو النساء، وهنا نذكر عددا من اللوحات التى تعرضت لكفاح العمال من أجل دفع عجلة الإنتاج وكسب الرزق و إعالة الأسر والأبناء .
والفنان التشكيلى فتحى عفيفى من أشهر الفنانين الذين عبروا عن العمال فى لوحاتهم بمصداقية عالية ، ولد فتحى عفيفى بحى السيدة زينب بالقاهرة، حصل على دبلوم فنى صناعى عمل بعدها كعامل فى المصانع الحربية، وهناك تفجرت موهبته، فكان يهوى رسم زملائه فى العمل، ويسجل المشاهد اليومية فى المصنع، تعبيرات الوجوه، الضحكات، الخلافات، أوقات الراحة، ساعات العمل الشاقة، الآلات والأوناش، فخرج فنه تلقائيا ومعبرا عن الواقع، ظل عفيفى لسنوات يمارس هوايته فى الرسم فى إطار عالم المصنع وعماله الكادحين حتى اتخذ القرار الأهم فى حياته وهو الالتحاق بالقسم الحر بكلية الفنون الجميلة .
أما الفنانة نادية سرى فقد عبرت عن عيد العمال فى عدد من اللوحات الفنية منها لوحة «عجلة الإنتاج» لعمال مصر، الذين يقومون بدفع عجلة الإنتاج إلى المدينة والتى تقوم وتنهض بسواعد العمال، ولها أكثر من لوحة، وهى كلها بخامة الألوان الزيتية ومن اشهر لوحاتها “إبحار» «صانع الحرفة» «بائعة الجبن» .
من جانبه تحدث الفنان التشكيلى محمد التهامى قائلا: سعيت إلى تقديم رؤية بصرية معاصرة لعيد العمال، لا من خلال الرموز التقليدية أو الشعارات الاحتفالية، بل عبر الغوص فى تفاصيل التعب الإنساني، وتجسيد جوهر الكدّ اليومى الذى يرافق العامل فى صمته ومجهوده، حيث اخترت أن أعبّر عن هذه المناسبة من خلال رسم شخصيات واقعية تمارس أعمالها بمشاعر حقيقية لم تكن وجوههم مزيّنة بالفرح مثقلة بملامح الجهد، وأجسادهم منحنية بحركة تعبّر عن المثابرة.
ويضيف التهامى أنه اعتمد فى بناء التكوين الفنى على التوازن بين الحركة والثقل، حيث حرص على أن تُظهر الخطوط والكتل، توتر العضلات فى أثناء العمل، والتعبير العفوى فى الوجوه، الذى يحمل فى طياته كبرياءً صامتًا، لا ينتظر تكريمًا بقدر ما يعكس كرامة إنسانية.
أما الفنان والناقد عادل ثابت فيشير عند حديثه عن الاحتفال بعيد العمال إلى أن الدول لا تنهض إلا بالعمل، ولا يُبنى المستقبل إلا بالاعتماد على من يكدّون فى صمت، ويمنحون الحياة معناها الحقيقى بالحركة والإنتاج، من هنا جاءت أعماله كتحية صادقة، لا احتفالية، تضع العامل فى مكانه الحقيقي: فى قلب المجتمع، لا على هامشه، وعبر عن عيد العمال، بلوحة «عمال النوبة» و«المرأة العاملة فى الحقل» ويقول ثابت: «لم أحتفل بالشعارات، بل احتفيت بالصمت الذى يسكن حركاتهم».
وعبرت الفنانة ريم جمال عبد الناصر عن المرأة المصرية المكافحة، باعتبارها تجسيدا للعمل والإرادة والعزيمة، سواء فى البيت (تطبخ وتعجن وتخبز)، أو فى خارج البيت تخيط أو تطرز الملابس، فكانت الماكينة رمزا لتجسيد عملها الدءوب.