شادية يوسف تكتب عن رحلة العائلة المقدسة: الطفل يسوع يعيش في البيوت المصرية

0 539

كان يا ما كان، كان فى طفل اسمه يسوع، ولد فى مدينة بيت لحم، وكان هناك ملك يهودى اسمه هيرودس، أراد أن يقتل هذا الطفل، فقرر أن يقتل جميع الأطفال، لأنه لم يعرف طريق هذا الطفل الذى علم أنه سيأخذ منه عرشه، لذلك قرر التخلص منه. علشان كده ربنا أرسل ملاكه لسيدنا يوسف النجار فى حلم، قائلاً: قم وخذ الصبى وأمه واهرب إلى مصر، وكن هناك حتى أقول لك. فقام وأخذ الصبى وأمه ليلا وانصرف إلى مصر.

 

مت(2 :13-14)

الطريق إلى أرض مصر:

خرجت مريم وولدها المسيح برفقة القديس يوسف من أرض فلسطين وبيت المهد هاربة إلى أرض مصر، راكبة حماراً، حاملة طفلها بين ذراعيها، يسيرون عبر برية قاسيةً. سارت العائلة المقدسة من بيت لحم إلى غزة حتى محمية الزرانيق (الفلوسيات) غرب العريش بـ 37 كيلومترا، ودخلت مصر عن طريق صحراء سيناء من الناحية الشمالية من جهة الفرما (بلوزيوم)، واقعة بين مدينتى العريش وبورسعيد. وكانت هناك ثلاث طرق يمكن أن يسلكها المسافر من فلسطين إلى مصر فى ذلك الزمان. وتدل المصادر على أن العائلة المقدسة عند مجيئها من فلسطين إلى مصر لم تسلك أيا من الطرق الثلاث، لكنها سلكت طريقا آخر خاصا بها، لأنها هاربة من شر هيرودس.

العائلة المقدسة فى مصر:

ومن هنا سنتعرف على مسار رحلتها داخل مصر بتفاصيلها:

1- رفح: وهى مدينة حدودية منذ أقدم العصور وتبعد عن مدينة العريش للشرق بمسافة 45كم. وقد تم العثور في أطلال هذه المدينة على آثار لها صلة بالديانة المسيحية.

2- العريش: وهى مدينه واقعة على شاطئ البحر المتوسط، وقد تم العثور على بقايا من كنائس فى طرقات المدينة.

3- الفرما: موقع أثرى فى غاية الأهمية، وميناء ومركز تجاري مهم. وتعد أحد مراكز الرهبنة. وقد يزيد من أهميتها أنها كانت المحطة الأخيرة التى حلت بها العائلة المقدسة فى سيناء.

4- تل بسطا: من المدن المصرية القديمة، وكانت تسمى مدينة الآلهة. وتقع بجوار مدينة الزقازيق، وقد دخلتها العائلة المقدسة فى 24 بشنس وجلسوا تحت شجرة، وطلب الطفل يسوع أن يشرب، فلم يحسن أهلها استقبال العائلة، مما آلم نفس العذراء، فقام يوسف النجار وأخذ بقطعة من الحديد وضرب بها الأرض بجوار الشجرة، وإذا بالماء ينفجر من ينبوع عذب ارتووا منه جميعاً.

5- الزقازيق: فى أثناء وجود العائلة المقدسة بتل بسطا، مر عليهم شخص يدعى (قلوم) دعاهم إلى منزله، حيث أكرم ضيافتهم وبارك الطفل يسوع منزل (قلوم). وعند وصولهم لمنزله، تأسف للسيدة العذراء مريم، لأن زوجته تلازم الفراش منذ 3 سنوات، وأنها لا تستطيع مقابلتهم والترحاب بهم. هنا، قال يسوع لقلوم “الآن إمرأتك سارة لن تكون بعد مريضة”. وفى الحال، قامت سارة متجهة ناحية الباب مرحبة بالطفل وأمه، وطالبتهم بالبقاء لفترة أطول، لأن الصبى كان وجوده بركة لمنزلها. وبالتالى، أعربت مريم عن رغبتها فى زيارة معبد لوجود احتفالات. فى ذلك الوقت من الظهيرة، حملت السيدة العذراء الطفل يسوع، وذهبت مع سارة إلى المعبد، وما أن دخلته، حتى تهشمت التماثيل الجرانيت الضخمة للآلهة، وتهشم المعبد الكبير وأصبح كومة من الجرانيت. انتشر الحدث فى كل أنحاء البلدة حتى إنه وصل إلى مكتب الحاكم، وكشفت التحقيقات عن أن السبب هو دخول سيدة تحمل طفلا صغيرا وهو فى الغالب الطفل المقدس الذى يبحث عنه هيرودس، وكان هيرودس قد طلب من الحاكم القبض عليه. وصدرت الأوامر إلى العسكر بالبحث عن الصبى فى كل ركن من المدينة، وسمع “قلوم” بكل الترتيبات والخطوات التى اتخذتها السلطات للقبض على الطفل الذى كان سبب بركة وشفاء لزوجته. لذا، خاف “قلوم” على الطفل يسوع، فنصح مريم بأن تهرب من المدينه بالليل لقلة نشاط العسكر. وفى المساء، استعدت العائلة المقدسة لمغادرة المكان، وشكروا “قلوم” وزوجته سارة، وبارك الطفل يسوع منزلهما. وأخبر الطفل يسوع أمه بأن كل مكان زاروه وعاملهم فيه الناس بترحاب يبنى على اسم العذراء مريم كنيسة يأتى إليها الناس للصلاة والعبادة.

6- مسطرد (المحمة): بعد أن تركت العائلة المقدسة الزقازيق، وصلوا إلى مكان قفر أقاموا فيه تحت شجرة ووجدوا أيضاً ينبوع ماء اغتسل فيه رب المجد، وأطلق على هذا المكان “المحمة”. وقد رجعت العائلة المقدسة إلى هذا المكان مرة أخرى فى طريق عودتها إلى الأراضى المقدسة.

7- بلبيس: بعد أن تركوا مسطرد،  جددوا المسير إلى أن وصلوا إلى مدينة بلبيس، وحالياً هى مركز بلبيس التابع لمحافظة الشرقية، وتبعد عن مدينة القاهرة بمسافة “55كم”. ويروى تقليد قديم أن الطفل يسوع وجد نعشاً محمولا لطفل لإمرأة أرمل كانت تعيش في هذه المدينة فأقامه رب المجد. فلما سمعت الجموع، تعجبت وآمنت برب المجد.

8- سمنود: بعد أن تركوا بلبيس، اتجهوا شمالاً إلى بلدة منية جناح التى تعرف الآن باسم “منية سمنود”، ومنها عبروا بطريق البحر إلى سمنود. ويروى تقليد قديم أن العذراء مريم قد شاركت فى إعداد خبز لدى سيدة طيبة من سكانها، وبارك رب المجد خبزها.

9- البرلس: بعد أن ارتحلوا من سمنود، واصلوا السير غرباً إلى منطقة البرلس، ونزلوا فى قرية تدعى “شجرة التين”، فلم يقبلهم أهلها، فساروا حتى وصلوا إلى قرية “المطلع”، حيث استقبلهم رجل من أهل القرية، وأحضر لهم ما يحتاجون إليه بفرح عظيم.

10- سخا: وهى مدينة سخا الحالية، وهناك شعرت العائلة المقدسة بالعطش ولم يجدوا ماء. وكان هناك حجر عبارة عن قاعدة عمود أوقفت العذراء ابنها الحبيب عليه، فغاص فى الحجر مشطا قدميه فانطبع أثرهما عليه، ونبع من الحجر ماء ارتووا منه. وكانت المنطقة تعرف باسم “بيخا إيسوس” الذى معناه كعب يسوع.

11- وادى النطرون: بعد أن ارتحلت العائلة المقدسة من مدينة سخا عبرت الفرع الغربى للنيل، حتى وصلت إلى وادى النطرون وهى برية شيهيت. فبارك الطفل يسوع هذا المكان، وهو الآن يضم أربعة أديرة عامرة، هى: دير القديس أبو مقار، ودير الأنبا بيشوى، ودير السريان، ودير البراموس.

12- المطرية وعين شمس: وهى من أقدم المناطق المصرية، وكانت مركزا للعبادة الوثنية. وتوجد بمنطقة المطرية شجرة تسمى “شجرة مريم”، وكذلك توجد بئر ماء مقدسة استقت منها العائلة المقدسة.

13- الفسطاط: بعد أن وصلت العائلة المقدسة إلى المنطقة المعروفة ببابليون بمصر القديمة، سكنت المغارة التى توجد الآن بكنيسة أبى سرجة الأثرية المعروفة حالياً باسم الشهيدين سرجيوس وواخس. ويوجد بجانب المغارة وداخل الهيكل البحرى للكنيسة بئر ماء قديمة.

14- منطقة المعادى: بعد أن ارتحلت العائلة المقدسة من منطقة الفسطاط، وصلت إلى منطقة المعادى الموجودة حالياً ومكثت بها فترة، وتوجد الآن كنيسة باسم السيدة مريم بهذه المنطقة. ثم عبرت العائلة المقدسة النيل بالقرب من المكان المعروف بمدينة منف، وهى الآن ميت رهينة بالقرب من البدرشين بمحافظة الجيزة، ومنها إلى جنوب الصعيد عن طريق النيل إلى دير الجرنوس بالقرب من مغاغة.

15- منطقة البهنسا: وهى من القرى القديمة بالصعيد، ويقع بها دير الجرنوس 10كم غرب أشنين النصارى، وبها كنيسة باسم العذراء مريم، ويوجد بداخلها بئر عميقة، يقول التقليد الكنسى إن العائلة المقدسة شربت منها في أثناء رحلتها.

16- جبل الطير: بعد أن ارتحلت العائلة المقدسة من البهنسا، سارت ناحية الجنوب حتى بلدة سمالوط، ومنها عبرت النيل ناحية الشرق إلى جبل الطير، حيث يقع دير العذراء مريم الآن على بعد 2كم جنوب معدية بنى خالد. ويروى التقليد أنه في أثناء سيرها على شاطئ النيل، كادت صخرة كبيرة من الجبل تسقط عليهم، ولكن مد رب المجد يده، ومنع الصخرة من السقوط، فانطبعت كفه على الصخرة وصار يعرف باسم (جبل الكف).

17- بلدة الأشمونيين: بعد أن ارتحلت العائلة المقدسة من جبل الطير، عبرت النيل من الناحية الشرقية إلى الناحية الغربية، حيث بلدة الأشمونيين، وأجرى الطفل يسوع معجزات كثيرة بهذه المنطقة.

18- قرية ديروط الشريف: بعد ارتحال العائلة المقدسة من الأشمونيين، سارت جنوباً إلى قرية ديروط الشريف، وأقامت بها. وقد أجرى رب المجد عدة معجزات، وهناك شفى كثيرين من المرضى.

19- القوصية: عندما دخلت العائلة المقدسة القوصية، لم يرحب بهم أهل المدينة، وذلك عندما رأوا معبودهم البقرة (حاتحور) قد تحطمت. وقد لعن رب المجد هذه المدينة فصارت خراباً.

20- قرية مير: وبعد أن ارتحلت العائلة المقدسة من مدينة القوصية، سارت لمسافة 8كم غرب القوصية حتى وصلت إلى قرية مير، وقد أكرم أهلها العائلة فباركهم الطفل يسوع.

21- دير المحرق:  بعد أن ارتحلت العائلة المقدسة من قرية مير، اتجهت إلى جبل قسقام، وهو يبعد 12كم غرب القوصية. ويعد من أهم المحطات التى استقرت بها العائلة المقدسة، ويشتهر باسم “دير العذراء مريم”. وتعد الفترة التى قضتها العائلة فى هذا المكان من أطول الفترات ومقدارها “ستة أشهر وعشرة أيام”. وتعد الغرفة أو المغارة التى سكنتها العائلة هى أول كنيسة فى مصر، بل فى العالم كله.

22- جبل درنكة: بعد أن ارتحلت العائلة المقدسة من جبل قسقام، اتجهت جنوباً إلى أن وصلت إلى جبل أسيوط، حيث يوجد دير درنكة، ومغارة قديمة منحوتة فى الجبل، أقامت بها العائلة المقدسة. ويعد دير درنكة هو آخر المحطات التى جاءت إليها العائلة المقدسة فى رحلتها إلى مصر. ويحتفل الشعب المصرى بعيد دخول العائلة المقدسة أول شهر يونيو من كل عام. كما يحتفل المصريون بعيد السيدة العذراء بدير درنكة فى شهر أغسطس، ويتوافد الآلاف من المسلمين والمسيحيين للاحتفال بهذه المناسبة.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق