ظاهرة العنف في المدارس.. أسبابها وأنواعها وطرق علاجها

0 594

   بقلم/ أحمد فيظ الله عثمان

مدير عام الإدارة التعليمية بالمعادي سابقًا
هالنى ما سمعت وقرأت عن الكثير من مظاهر العدوانية والعنف التى حدثت مؤخرًا وأخطرها حوادث القتل البشعة وآخرها وليس بآخر حادثة التعدي بالضرب على مدرسة من أحد أولياء الأمور بإحدى المدارس بمنطقة مصر القديمة لمنعها استغلال التلاميذ في بيع الشيبسي والبسكويت وخلافه في الفصول مما كان من أحد هؤلاء التلاميذ بالإدعاء بأن المدرسة ضربته فاشتكى لوالده الذي قام بدوره بضربها داخل حرم المدرسة ولم يتحرك أحد لحمايتها بدءًا من مديرة المدرسة وحتى زملائها خوفًا من والد الطفل أو التلميذ.
يوضح ذلك أنه حدث تغير كبير فى سلوك بعض المواطنين، وأصبح العنف والعدوان بأشكاله المختلفة يسيطر على المجتمع. وانتشرت هذه الظاهرة بشكل مخيف حتى أصبحت السمة السائدة ويمكن القول أنها تبدأ من الصغر وتنمو مع كبر الطفل حتى مرحلة الشباب وما بعدها.
وتتمثل أسباب العنف فى الآتى:
1 – عدم رعاية الوالدين للأبناء رعاية كاملة بسبب غياب الأب أو الأم أو كليهما معًا عن المنزل للظروف المعيشية التى تحياها بعض الأسر، فتنعدم الرقابة عليهم أو مساعدتهم على الالتزام بالسلوك السوى.
2 – يعيش الطفل فى بيئة مغلقة سواء فى المنزل أو المدرسة ولا يمارس أي نشاط إلى أن يكبر.
3 – كبت هؤلاء منذ صغرهم وعدم إشباع رغبتهم يؤدى بهم إلى العدوان على الغيرلتفريغ ما لديهم من كبت، والبعض مريض نفسيًا أو يشعر بالنقص فيلجأ إلى العدوان على الآخرين مما يشعره باللذة.
4 – الحرمان من عطف الأبوين ودفء حنانهما.
5 – لا يجد الطفل فى المنزل أو المدرسة القدوة الطيبة، حيث يمارس بعض المدرسين أو الآباءالعنف أو العدوان بمظاهره المختلفة فيؤدى بهم إلى تقليد هذه السلوكيات وتستمر معهم حتى الكبر.
6- تجاهل المدرس عند سماع إهانات بعض التلاميذ لزملائهم بالتفوه بألفاظ نابية مثل: (ياحمار، ياغبى، يابليد .. إلخ) ومحاباة بعض التلاميذ دون غيرهم.
7 – ساهمت التكنولوجيا الحديثة فى انتشار أوجه العدوان من خلال مشاهدة الأطفال أو الكبار لبرامج تحتوي على عنف أو بلطجة، ولا يوجد توجيه للأطفال من جانب الآباء أو المدرسين، بالإضافة إلى استخدام المحمول بطريقة سيئة دون مراقبة من الوالدين، مما ينعكس على سلوك الشباب والأبناء بالسلب. 
8 – صعوبة الحياة الاقتصادية وارتفاع الأسعار بسبب مرض كورونا لمدة سنتين، والحرب الأوكرانية-الروسية التى بدأت في فبراير الماضى، كل ذلك كان له تأثير على السلوك غير السوى الذى نشاهده اليوم والأخطر من ذلك حالة البطالة التى انتشرت بمجتمعنا.
كيف نعالج ظاهرة العنف؟:
إن زحفنا نحو التقدم فى شتى المجالات تدعونا إلى مراقبة انحرافات بعض أبنائنا الشباب الذين يجب أن يكونوا جديرين بمسئوليات المستقبل منزهين عن السلوك الاجتماعى المنحرف البغيض الذي يُعد سوسة تنخر فى مجتمعنا وتسىء إلى الجهود العملاقة التى تُبذل بسخاء لتطوير الحياة على أرضنا، ومن أجل هذا فإن صفة العدوانية والانحرافات السلوكية يجب أن يُنظر إليها بكل اهتمام وجدية وكيفية علاجها يتمثل في الآتى:
** عرض الطفل على طبيب لعلاجه – إذا لوحظ عليه اللجوء إلى العنف فى تصرفاته.
** إعطاء الطفل فرصة للتصرف بحرية والتعرف على من حوله تحت إشراف الآباء والمعلمين.
** عدم مقارنة الطفل بغيره وعدم معايرته بذنب ارتكبه أو خطأ أو تأخر دراسى.
** تدعيم التربية الروحية للنشء بالممارسةوالقدوة الطيبة، وعدم الاكتفاء بحفظ الآيات القرآنية الكريمة واستظهار دروس الدين استعدادا للامتحان فحسب ,
** الإكثار من الحديث عن الحب والتعاون وفضل الأخوة والسماح وعدم الاعتداء أو العدوان على الآخرين وسرد القصص التى تحث على تاريخ الأنبياء وفى مقدمتهم الرسول عليه الصلاة والسلام .
** التعرف على ميول الطفل منذ صغره وخلق المهارات المطلوبة والملكات اللازمة لكى يتم وضع الطفل على الطريق السليم وتنشئته على السلوك الطيب بعيدا عن العدوان .
** توعية الوالدين نحو مراقبة الأولاد والإشراف عليهم وتحبيبهم لمشاهدة البرامج الجيدة والابتعاد عن مشاهدة أفلام العنف والعدوان وملاحظتهم نحو تأدية الفرائض التى فرضها الله سبحانه وتعالى لكى يكون مواطنا صالحا يحب الآخرين .
**نقترح على وزارة التربية والتعليم تدريس مادة جديدة اسمها (آداب السلوك) نوضع لها كتب مقررة على طلبة المرحلتين الإعدادية والثانوية لترشد شبانا إلى قواعد السلوك المرضى وطرق معاملة الطلبة مع الآخرين وخلق أحسن العادات والفضائل السلوكية.
** القيام بحملة توعية لشبابنا بالسلوك الحسن المتسم بالنظام والفضيلة بالوسائل الآتية:
– عرض أفلام ثقافية قصيرة بدور السينما والتليفزيون عن عيوبنا الخلقية وشوائبنا السلوكية وكيف يجب أن يكون السلوك فى كل موقف يتعرض فيه المواطن(فى الاتوبيس، وفى المدرسة، وفى الطريق، وفى النادى، فى السينما، وفى البنك .. إلخ).
– طبع النشرات والكتيبات عن الفضائل السلوكية ليستوعبها الأبناء والآباء على السواء.
– حملة بالصحف ولافتات فى الطريق، وأغان وأناشيد تمجد السلوك الحسن وتنتقد سلوك العنف والعدوانية والتنمر .
– صلاة الجمعة وعظات دور العبادة تتجه فى حملة واسعة للكشف عن عيوبنا السلوكية الشائعة بيننا .
– عمل أسبوع للفضيلة أسوة بأسبوع النظافة وأسبوع المرور ..إلخ.
– إقامة معرض للأمراض النفسية والسلوكيةو يزود بالصور والأفلام ووسائل الإيضاح ويقوم طلبة المدارس بزيارته كجزء من الحملة ضد الانحرافات السلوكية وخاصة العدوانية .
ونخلص من هذا العرض إلى أن مدارسنا ومناهجنا وبيوتنا لابد أن تتكاتف مخلصة فى تربية النشيء ورعايته رعاية صالحة سليمة مبنية على سلوك قويم حتى إذا ما أتى دور التعليم والتثقيف وجد الخصوبة التربويةالركيزة واليد الحانية الحكيمة التى توجهه التوجيه السليم.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق