أهمية بناء الأسرة وحمايتها في المجتمع

0 664
بقلم/ أحمد فيظ الله عثمان
مدير الإدارة التعليمية بالمعادى سابقا

 

تتعرض الأسرة المصرية إلى أخطار كثيرة بسبب التفكك والشقاق والعنف والقتل، وقد تصل الأمور أحيانا إلى الطلاق، حيث توضح آخر الإحصاءات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى 15 مايو الماضى أن عدد حالات الطلاق فى آخر عام 2021 وصلت إلى 254 ألفًا و777 حالة مقابل 222 ألف و 36 حالة عام 2020 بنسبة زيادة مقدارها 14.7%، وذلك جعل مصر فى صدارة دول العالم من حيث عدد حالات الطلاق ويرجع ذلك إلى خلل فى مفهوم الزواج وتكوين الأسرة فى المجتمع، إذ تحول الزواج من مؤسسة اجتماعية مبنية على المودة والرحمة والتكافل إلى مؤسسة تجارية الغرض منها مادى بدرجة كبيرة بالإضافة إلى أن عملية اختيار الشريك باتت فردية ولم تعد العائلات والأسر تساهم فيها مما أدى إلى عدم حماية الأسرة بدرجة كبيرة، فالأسرة المصرية تواجه مشاكل كثيرة منها :
– التغيرات الاجتماعية التى تمثل الدور الأساسى فى المشاكل الأسرية مما أدى إلى ضعف العلاقة بين الزوجين مما يؤدى إلى الانفصال أو زواج ثانى يتسبب فى تفكك العائلة كما يؤثر على نفسية وسلوك الأبناء.
– مشكلات أخلاقية تتمثل فى استعمال القسوة فى معاملة الزوج لزوجته والعكس، أو الأبناء والتنكر للقيم الاجتماعية والأخلاقية التى يدعو إليها ديننا الحنيف والتبرج وعدم الصدق والصراحة أو الاخلاص فى العلاقات الزوجية .
 – إدمان وسائل التواصل الاجتماعى وسوء استخدامها أحد أهم العوامل المسببة لزيادة المشاكل والمعاناة والضرر الكبير على الأسرة.
– مشاكل اقتصادية بسبب الغلاء وقلة الدخل لدى الزوجين مما يزيد من التوتر والعصبية  بين الزوجين حيث تعد الضائقة المالية من أشهر أسباب المشاكل بينهما .
لذلك حرص الإسلام على سلامة الأسرة وحمايتها وبنائها بناء قويا حفاظا على سلامة المجتمع وتماسكه وأمنه واستقراره، فشرع الزواج الذى هو أحد سُنن الله سبحانه وتعالى فى خلقه لما يحققه للبشرية من فوائد عظيمة ” ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون”، سورة الروم (الآية 21)، فالزواج يقوم على الرحمة والاستقرار والسكينة.
ففى ظلال الأسرة المتماسكة السوية تنشأ الخصال الكريمة وتنمو الأخلاق الطيبة وقد بلغت عناية الإسلام بالأسرة درجة عالية بما يحقق التلاؤم والانسجام والتوافق والألفة والتراحم بين جميع أفراد العائلة الواحدة، فوضع الإسلام أسسًا ومعايير يبنى عليها اختيار الزوج لزوجته والزوجة لزوجها، وجعل فى مقدمتها الصلاح والتقوى. قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فى شأن اختيار الزوج مخاطبا ولىّ الأمر: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير)، فقد اشترط الإسلام الدين والخلق على أن يكون مرضيا، وألا يخدع الناس بالعرض أو المظهر دون الجوهر وكريم الأخلاق ومعدن النفس.

 

ومن الجدير بالذكر أن الإسلام جعل اختيار الزوج حقا أصيلا للمرأة كما هو للرجل، فقد نهى الإسلام عن إكراه المرأة أو الفتاة على الزواج فجعل الأمر إليها .والرسول عليه الصلاة والسلام أكد ضرورة تحقق الباءة عند الزواج حيث قال: (يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم)، والباءة هنا هى القدرة على تحمل مسئولية العائلة بكل تبعاتها، وأحوال عصرنا وظروفه وتبعات تكوين الأسرة تتطلب نضجا فكريا واجنمايا وقدرة على تحمل المسئولية وتبعات بناء العائلة وذلك حتى لا يكون مصيرها الفشل وتفشى الخلاف وتشريد الأبناء وتحطيمهم نفسيا.
كما أن زواج القاصرات يُعد جريمة لا تغتفر ويجب التأكد من ضرورة الالتزام بالعقد الشرعى الرسمى الموثق حفاظا عل حق الأبناء وعلى كيان الأسرة والمجتمع، ويجب مراعاة الواجبات والحقوق فلكل من الزوجين حق على الآخر وله واجبات (.. ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم) الآية 228 سورة البقرة. فنجاح الأسرة واستقرارها مرهون بالمحافظة على الواجبات والحقوق بين جميع أفرادها، وعدم تجاهلها أو التفريط فيها. قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ..) فللمرأة إلى جانب حسن إكرامها وصيانة حقها فى الحياة الكريمة إنفاقا ومعاملة. ولقد ضرب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضى الله عنهم وأرضاهم أجمعين أروع الأمثلة فى حُسن المعاشرة مع النساء. فقد سُئلت السيدة عائشة رضى الله عنها عما كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يعمل فى بيته قالت: كان يكون فى مهنة أهله (تعنى خدمة أهله) فإذا حضرت الصلاة خرج.
كما أكد القرآن الكريم على حق الأطفال فى الرضاعة والرعاية (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ..) الآية 233 سورة البقرة، وهذا الإرضاع حق للطفل ولذلك يجب أن يأخذ كل طفل حقه فى مرحلتى الحمل والإرضاع والتربية مع ضرورة الوفاء بحقه فى الملبس والمأكل والتعليم ويعتبر ظلما وتقصيرا فى حق الأبناء أو عدم الوفاء بحقوقهم كاملة فى التربية ولقد بين سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام ، أننا جميعا مسئولون عن أبنائنا فهم أمانة فى أعناقنا.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق