ذوى الاحتياجات الخاصة بين الماضى والحاضر

0 1٬084

 

عالم صامت تحركه إشارات الأيادى وتمتمات الشفايف
فى هذه الحياة من المستحيل أن نكون متماثلين فى كل شئ، ففى عالمنا يوجد الفقير والغنى، ويوجد العامل والعالم، ويوجد المريض والأصحاء، ويوجد عالماً مختلفاً فى كل شئ. وذوى الإعاقة أو الصم والبكم فئة من المجتمع أحب الله سبحانه أن يبتليهم ليرى مكانة الصبر فى قلوبهم، فهذه الفئة كباقى البشر لا تختلف عنهم فى شئ، لا فى قلوبهم ولا عقولهم، بل هناك من يمتلك عقلاً فذاً وروحاً من النادر أن نراها عند باقى البشر. ولا يُعد الأشخاص من ذوى الاحتياجات الخاصة من العاجزين الذين لا يقدمون الخدمات للمجتمع، وإنما يمتاز الكثير منهم بصفات ومواهب جعلتهم يتفوقون على بعض الأصحاء، مثل توماس أديسون الذ فقد سمعه وهو طفل صغير ولكنه استطاع أن يقدم للبشرية اختراعات كثيرة مثل المصباح الكهربائى والتلغراف والكاميرا .. الخ.
أجرت الحوار: ياسمين توفيق
فى الحوار التالى مع الأستاذة إنجى الطنطاوى، أخصائية التخاطب وتعديل السلوك ألقت الضوء على الأسباب التى تؤدى إلى الإعاقة الحركية والصم والبكم وطرق علاجها:

 

* بداية .. ما مفهوم الإعاقة أو ذوى الاحتياجات الخاصة؟
الإعاقة بصفة عامة هى قصور فى أداء وظيفة محددة من وظائف الجسم، مثل قصور فى وظائف الإدراك، أو القصور الذهني والحسي أو القصور الحركي، وكل ذلك يقع تحت مُسمى الإعاقة، وهى تختلف حسب كل شخص ونقطة القصور لديه.
  • هل توجد أسباب وراثية للإعاقة؟
فى بعض الحالات يكون السبب وراثى فتنتقل الجينات الوراثية بين أفراد العائلة وبعضهم، وأحيانا تحدث مشاكل أثناء الحمل والولادة مثل نقص الأكسجين أو أن الطفل يسحب بطريقة خاطئة أثناء الولادة، وكل هذا يؤدى الى إعاقة وكلا منها لها سبب فى الحدوث حسب نوعها. مثال حالات الدون سندروم يكون لديهم زياده فى عدد الكروموسومات من 46 لتصبح 47 كروموسوما وذلك عند حدوث انقسام غير طبيعى للخلايا فى المادة الوراثية من الكروموسوم رقم 21 وهذا الاضطراب الجينى يختلف من طفل لآخر فى شدتة مسببا إعاقة ذهنية وتأخر فى النمو مدى الحياة وصعوبات فى التعلم عند الأطفال المصابين به، وأن التدخل المبكر يمكن أن يُحسن إلى حد كبير من نوعية الحياه لديهم.
  • هل يمكن اكتشاف حالة الإعاقة مبكرًا؟
يجب على الأم بالطبع أن تلاحظ طفلها من وقت الولادة هل يصرخ الطفل أم لا؟ وهل يوجد تطور طبيعي للطفل؟ فإذا لاحظت شئ غير طبيعى تبدأ فى البحث مبكرًا، لأنه كلما اكتشفنا الإعاقة فى وقت مبكر كان أفضل فى العلاج. فالطفل الطبيعي فى بداية الولادة يصرخ ويبكى ويرضع بشكل طبيعي، ويبدأ فى الاستماع والانتباه وتحريك رأسه مع الأصوات، وهذه علامة على الاستجابة، وإذا وجدت الأم أي قصور فى التطور يجب عليها عرضه على الطبيب.
  • ما هي طرق التعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة؟
أولاً يجب على الأم أن تقوم بدعم نفسي لذاتها وتدرك أن لديها طفل ذو احتياجات خاصة وتشجع نفسها لتصبح قادرة على التحمل والتعامل معه بشكل طبيعى، وتواجه المجتمع وتحافظ على عدم التقصير وتداوم على حضور الجلسات والمتابعه مع الأطباء المتخصصين. أما نحن كأخصائين يجب فى البداية المطالبة بالتشخيص الطبي الصحيح، مخ وأعصاب أو سمعي ثم نبدأ فى وضع برنامج التأهيل وتحديد كيفية التعامل مع تلك الإعاقة ليصبح الطفل فرد مؤثر فى المجتمع، وهذا هو الهدف.
  • هل هناك ترابط بين طرق العلاج والتأهيل؟
توجد حالات لها طرق علاج مثل فرط الحركة وتشتت الانتبا، هذا الطفل لديه حركة زائدة طوال الوقت لا يجلس لا ينتبه لشئ لهذا فلهم عقاقير محددة يأخذوها باستشارة الطبيب ونقوم بعمل حمية غذائية وهذا يقلل من الأعراض. وأيضا التوحد {الأوتيزم} لديهم علاج يقلل من الأعراض ويجعلهم إلى حد كبير يتفاعلون ويتواصلون بشكل طبيعى. أما عن طرق التأهيل الشاملة فهو يُحدد حسب نوع الإعاقة حتى يصبح عضو فعال فى المجتمع بجانب العقاقير إذا كانت تحتاج الحالة لها، لأن ليست كل الحالات تحتاج إلى عقاقير وبالطبع يحدد هذا بجرعات مناسبة مع الطبيب المتخصص.
  • هل يتم شفاء الإعاقات بالعلاج فقط سواء الحركية أو الذهنية؟
إذا كانت الإعاقة حركية فهي تحتاج إلى جلسات علاج طبيعي ومن الممكن أن تُشفى ومن الممكن أيضا أن تحدث نتيجة حادث مثل قصور فى القدم فنقوم بعمل علاج طبيعى ويتم تأهيله حتى يتم الشفاء الكامل أو الوصول لمرحلة يسهل فيها التعامل مع الإصابة. أما الإعاقات الذهنيه فهى بيد الله يمكن أن يتم الشفاء منها، لكن الدارج أنه لا يتم الشفاء بشكل كلى لكننا نحاول الحد منها حتى يصبح الطفل أفضل وخاصة إذا تمت ولادته بها ولم يكتسبها لأنه يوجد إعاقات يولد بها الطفل وأخرى يتم اكتسابها نتيجه الظروف البيئية، حادثة أو بسبب مشكلة نفسية تسببت بها.
  • هل تطور الطفل من ذوى الاحتياجات الخاصة يجعل منه شخص هام أو مؤثر فى المجتمع؟
بالطبع يوجد أشخاص مشهورين مصابين بالتوحد وهم من العباقرة لأن طفل التوحد عبقري لديه ذكاء مختلف عن الآخرين لكنه يحتاج للاهتمام، فإن كانت كل أم لديها طفل ذو احتياجات خاصة لاحظت الشئ المميز فيه وقامت بتنميته ييصبح من الأشخاص الناجحة. وعندنا أمثلة كثيره لأشخاص ذوى احتياجات خاصة ناجحين في المجتمع مثل المذيعه رحمة خالد أول مذيعة مصابة بمتلازمة داون، والبطلة رقية إبراهيم التي تعاني من قصر القامة، وهي حاصلة على ثلاث ميداليات ذهبية فى رياضة الرمح ورمى القرص، والبطل حسام حسن الذى تعرض للإصابة فى الصغر بسبب حادث أدى إلى اصابته فى قدمه اليمنى، وحصل على الميدالية الذهبية فى بطولة أفريقيا لرفع الأثقال لسنة 2022. وهذه ضمن الكثير من النماذج الناجحة من ذوى الاحتياجات الخاصة الذين استطاعوا هم وأسرهم اكتشاف قدراتهم والعمل عليها وتشجيعهم حتى وصلوا إلى النجاح.
  • ألا يوجد مصطلح يُطلق على هؤلاء الأشخاص دون التأثير السلبي عليهم؟
هناك دوره تدريبيه تابعه للوزارة يُستخدم فيها مصطلح (ان تبيكل) على ذوى الاحتياجات الخاصه و(تبيكل) على الشخص الطبيعي. لكن رأيي الشخصى (ذات الهمم) مصطلح لطيف، حيث أن لدى أخ من ذوى الاحتياجات الخاصة ولا أخجل من ذلك المصطلح لأنه يحتاج فعلا إلى اهتمام وتعامل خاص ومختلف عن الطبيعى وأن التأثير بالسلب عليهم ليس من المصطلح بل من التعامل معهم. وأنا أتعامل مع أخي بآدمية ويأخذ حقوقه كاملة بحب ورعاية، فهذا المصطلح لن يؤثر فيه بالعكس فالتأثر السلبي يأتى من إهمال الأم لإبنها أو تعزله عن المجتمع لأنها غير قادرة على مواجهة المجتمع به.
  • ما النصائح التى يمكن توجيهها للأسرة والمجتمع فى التعامل مع هذه الحالات؟
بالنسبة للأسرة فهى كل شئ للطفل ذو الاحتياج الخاص، فهى لو لم تؤمن بهذا الطفل وتعطيه الحب وقادرة على مواجهة المجتمع فهى خاطئة، فهناك أشخاص أعرفهم يقومون بعزل الطفل تمامًا عن أخوتهم، والأسرة، والأقرباء، والجيران وبسببهم فإن المجتمع معذور. لذلك يجب عمل دورات إرشادية للأسر لتعليمهم كيفية التعامل مع طفل ذو الاحتياجات الخاصة لأنه فرد من المجتمع والأسرة، بل أهم فرد فى الأسرة، لذلك يجب عليهم تقبله وإعطاؤه الحب، والتعامل معه كأي طفل وأشاركه الرأي لأنه مدرك لما يقال.
أما بالنسبة للمجتمع ففى هذه الفترة اختلف الموضوع كثيرا عن الفترة السابقة فلهم اهتمام أكثر وحقوق يحصلون عليها لكن الدمج فى المدارس ليس دمج بمعنى الكلمة، لأننا نحتاج إلى توعية المدرسين أكثر حتى يعرفوا كيفية دمج الطفل مع الأطفال الطبيعيين.
  • اعطني نموذج لحالة قمتى بالعمل معها، وإلى أين وصلت حالته؟
تعاملت مع طفل توحد يمشى على أطراف أصابعه وهذه من الحالات المعروفة لدى أطفال التوحد الذين لديهم حركات تكرارية، لم يكن يحب الجلوس في مكان واحد، ويحب طي الورق وهي من الأشياء الملازمة له، وكانت الأم تعمل على تطور الطفل بشكل جيد، وقامت باستشارة طبيب مخ وأعصاب وبدأت فى إعطائه العلاج وعمل حمية غذائية لتقليل فرط الحركة، وبدأنا في الجلسات التي استمرت لمدة لا تقل عن خمس أو ست سنوات تقريبا وكان مصاب أيضا بالإيكولاليا وهو مرض ترديد الكلام ومع الجلسات بدأ فى التحسن حتى اختفت الإيكولاليا.
 وقمت بعمل سجل به نقاط الضغف التي يجب العمل عليها وبالفعل تطور وذهب إلى مدرسة دمج وبدأ يتواصل ويتحدث ويقوم بعمليات حسابية بشكل أفضل حتى طريقة الكلام اختلفت تماما، وهذا الطفل كان توحد ناطق.
  • أخيرًا، نصيحة توجهيها للمجتمع للتعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة؟
نصيحتي هي عدم الصعبانيات التى تظهر على الناس عندما يروا شخصًا من ذوى الاحتياجات الخاصة بقول “ربنا يشفي” أو الإحساس بالحزن الشديد الذى يظهر على الوجه فهذا يؤذي الأم والمريض بشدة، فإذا رأيت هذا إذا كنت تستطيع المساعدة فى رفع الكرسي والتفاعل بمساعدة صادقة فهذا أفضل بكثير من الشعور بالحزن، ويجب علينا تقبل الآخر دون إحساسهم بالاختلاف عن باقي الأشخاص.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق