فى أحد البرامج المعروضة على السوشيال ميديا انتقد المذيع الشعب المصرى لرفضه اقتراض مصر من صندوق البنك الدولى لأنه لا يرى تقدما ملحوظا فى مستوى المعيشة أو ثبات الأسعار دون زيادة غير منطقية وغير مبررة، إلا أنها زيادة تدل على جشع التجار وعدم قدرة الحكومة على السيطرة عليهم . واستشهد المذيع بأن المبالغ التى اقترضتها مصر لا تقارن بمبالغ الدول الأخرى، إذ أن بعض هذه الدول عليها مستحقات بالتريليونات وليس بالمليارات مثل مصر .
والسؤال المُحير هنا هو: كيف يكون حجم الديون على هذه الدول بالتريليونات وتعداد سكانها كبير ومع ذلك مستوى معيشة المواطن مرتفعة ولديه كل مقومات الحياة الكريمة والمواطنة فى بلده . وحتى إذا تحركت الأسعار فهى لا تؤثر على مستوى معيشة المواطن عكس ما يحدث فى مصر . فلدينا مواد بالدستور من المفترض أن تنفذ، مثلا أن يتساوى الحد الأدنى لأصحاب المعاشات بالحد الأدنى للأجور الذى أصبح الآن ستة آلاف جنيه، ولكن لم يحدث؟
كيف يعيش صاحب المعاش بثلاثة آلاف جنيه أو أكثر قليلا فى الشهر وسط هذا الغلاء الرهيب والذى يجب أن يتم الإنفاق من هذا المبلغ على المسكن والملبس والمأكل والدواء.. الخ . وإذا تأملنا قليلا نجد أن المشكلة لدى الحكومات. فهناك حكومات لديها القدرة على الاقتراض دون المساس بجيوب المواطنين ولا تحملهم أية أعباء لأنها تقدس حقوق الفرد فى المواطنه طبقا للدستور. وهناك حكومات أخرى تلجأ إلى أسهل الطرق وهى جيوب المواطن دون أن تفكر كيف تسدد ديونها بطرق أخرى دون المساس بأموال المواطنين . وأكبر مثال فى مصر هو ما حدث بعد قرار الحكومة بزيادة المرتبات والمعاشات بنسب متفاوتة ثم قررت زيادة أسعار البنزين والسولار والمنتجات البترولية وهى تعلم ما يترتب على هذا القرار من سلبيات ضد المواطن .
وبدلا من نشر الفرحة لدى المواطنين بعد جذب الاستثمارات فى رأس الحكمة وغيرها لما قد يؤدى إلى انخفاض الأسعار فوجىء المواطن بزيادة أسعار البنزين والمنتجات البترولية والذى ترتب عليه زيادة الأسعار وأصبحت الحكومة كالعادة تناشد التجار بخفض الأسعار بلغة أكثر تهديدا!!. أما عن الإفراج الجمركي لبعض السلع بعد تدفق العديد من المليارات فقد أعقبه قرار بضرورة سداد قيمة الإفراج الجمركي والذى تبلغ قيمته أكبر من قيمة البضاعة وقت شرائها فازداد الأمر تعقيدا مما أدى إلى التحفظ على بعض البضائع نتيجة عدم التزام أصحابها بسداد القيمة الجمركية .
ويبقى الوضع على ما هو عليه وهذا يفسر عدم خفض الأسعار بالشكل المتوقع أو المطلوب. وما يعانيه المواطن ليس فقط فى جشع التجار وإنما فى كثرة وعود الحكومة التى لا تُنفذ . على سبيل المثال تحدث وزير التموين فى مؤتمر صحفى ووعد الشعب بأن السكر سوف يكون متوفر فى بداية شهر يناير ٢٠٢٤ بسعر ١٠ جنيهات للكيلو ولم يحدث إذ أنه لم يتوافر حتى بسعر ٢٧ جنيه . فمن أين تأتى ثقة الشعب فى حكومته؟! .
ومثال آخر فقد قررت الحكومة أن تدخل كطرف ثالث لفض المنازعات بين المستثمرين العقاريين والملاك بضوابط معينة تضمن حقوق الجميع وتمنع عمليات النصب العقارى إلا أن هذا لم يحدث أيضا ولا يزال المُلاك فريسة لكثير من مستثمرى النصب العقارى . فمن الأفضل للحكومة أن تصمت بدلا من نشر الوعود التى لم تصب المواطن بالإحباط !!.