وداع شهداء لقمة العيش والستر
كتب: محمد سليمان فايد
في صباحٍ رمادي لا يُنسى، وقعت واحدة من أشد الحوادث مأساوية على الطريق الإقليمي بدائرة مركز أشمون بمحافظة المنوفية، حين تحوّلت رحلة شقاء يومية إلى فاجعة جماعية. ميكروباص صغير يحمل 18 فتاة وسائقًا من أبناء قرية “السنابسة” كان في طريقه إلى العمل، قبل أن تصطدم به شاحنة نقل ثقيل (تريلا) وتحوّله في لحظة إلى كتلة من الصاج المحطم والأجساد الهامدة.

وقعت المأساة صباحًا، حين كانت مجموعة من الفتيات العاملات باليومية بإحدى المزارع، في طريقهن إلى عملهن عبر “ميكروباص الوردية” المعتاد. فجأة، وأثناء سيرهم على الطريق الإقليمي، انحرفت سيارة نقل ثقيل بجنون من الاتجاه المعاكس، صعدت فوق الميكروباص، و”فرمته” تمامًا تحت عجلاتها. صرخات الفتيات – البسيطات، الكادحات، الغلابة – لم توقف الموت، ولم تردع الحديد المنفلت. لم تكن هناك فرصة للنجاة.
المشهد كان صادمًا، لا يُحتمل، السيارة تحطمت بالكامل، والأجساد تناثرت بين الحطام، فيما توقفت الحياة على جانب الطريق. كثير من الفتيات لفظن أنفاسهن الأخيرة في لحظتها، والباقيات فارقن الحياة في طريقهن إلى المستشفى.
السائق، الذي اعتاد أن يصحبهن ويعيدهن كل يوم، مات هو الآخر وسطهن، وكأن الرحلة لم تكتمل إلا برفيقها الأخير.