فرنسا وبريطانيا تعترفان بفلسطين: تحول استراتيجي يعمّق عزلة أمريكا

0 296

كتب: د. محمد سليمان

 

شهدت قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك تحولًا تاريخيًا في مسار القضية الفلسطينية، بعدما أعلنت كل من فرنسا وبريطانيا اعترافهما الرسمي بدولة فلسطين. خطوة أنهت عقودًا من التردد والمراوغة، ورفعت عدد الدول المعترفة إلى 145 دولة من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة، ما يجعل الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي ترى فلسطين دولة قائمة بذاتها.

 

الاعتراف الأوروبي لم يكن مجرد قرار رمزي، بل تحوّل استراتيجي شمل قوى كبرى طالما تجنبت الإقدام على هذه الخطوة، مثل باريس ولندن، إلى جانب دول أوروبية أخرى كبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا.

بهذا الزخم الجماعي، كُسر جدار التردد الغربي، وأُعيد التوازن إلى مشهد ظل لعقود منحازًا لإسرائيل تحت المظلة الأمريكية.

 

إلى جانب الاعتراف الأوروبي، تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة “إعلان نيويورك” الذي عُقد برعاية السعودية وفرنسا، مؤكدًا الالتزام بحل الدولتين، ووقف الحرب في غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وتشكيل بعثة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار تحت مظلة مجلس الأمن. كما شدد البيان على وحدة الضفة الغربية والقطاع تحت سلطة فلسطينية واحدة، محذرًا من أن الاستيطان والضم يمثلان “خطًا أحمر” للمجتمع الدولي.

 

هذا التزامن بين الاعترافات الأوروبية وإعلان نيويورك يعكس انعطافة سياسية حاسمة تعمّق عزلة الموقف الأمريكي، الذي ما زال يرفض الاعتراف بفلسطين رغم أن الغالبية الساحقة من العالم حسمت موقفها. واشنطن، التي تقدم نفسها راعية للديمقراطية وحقوق الإنسان، تجد نفسها اليوم في موقع متناقض يعزز صورتها كقوة منحازة لإسرائيل على حساب المبادئ التي ترفعها.

 

وبينما يتوسع حضور فلسطين على الساحة الدولية، تظل المرحلة المقبلة مرهونة بقدرة القيادة الفلسطينية على استثمار هذا الزخم الدبلوماسي وتحويله إلى مكاسب عملية، سواء عبر تثبيت العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، أو عبر تعزيز حضورها في المؤسسات الدولية. فالمعادلة باتت أوضح: إسرائيل وحليفتها الأمريكية في مواجهة عالم يتجه بثبات نحو الاعتراف بفلسطين كدولة كاملة السيادة.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق