عاشق اللغة العربية .. أحمد مختار عمر
بقلم/ سيد حاج
ولد فى القاهرة فى 17 مارس عام 1933، وكان والده مهتم باللغة العربية، حريصًا عليها، يدعو إلى التماس الصواب فيها، والبُعد عن الخطأ فيما يُكتب ويُقال ويُسمع، أثر ذلك فى نفس ولده أحمد مختار الذى درس الثانوية الأزهرية، وبدأ يبث رسائله شبه اليومية إلى الصحف السيارة تصويبًا لخطأ، أو تصحيحًا لمعلومة، أو تعليقًا على رأى قيل، ولم يكن قد تجاوز العشرين من عمره، مما ينم عن استعداد لغوي وفرطة سليمة وقد زاد ذلك فى سم معالم شخصيته وزاد من توجهه نحو الدراسات القرآنية.
حصل على الليسانس بتقدير ممتاز من جامعة القاهرة بكلية دار العلوم عام 1958، وعلى درجة الماجستير فى علم اللغة بامتياز عام 1962 من جامعة القاهرة، كلية دار العلوم، عن رسالته الموسوعة بـ”الفارابى اللغوى ودراسة معجمه ديوان”، وفى ذلك يقول: حين فكرت فى اختيار رسالة الماجستير وجهنى أستاذى الدكتور إبراهيم أنيس إلى الفارابى ومعجمه، فاخترتهما موضوعا لرسالتي.
وكان للدكتور إبراهيم أنيس رأى فى هذه الدراسة فقال: تمنيت مع الزمن أن أظفر بأحد النابهين من تلاميذى ليقوم بدراسة عملية لمعجم (ديوان الأدب) فى صورة رسالة جامعية حتى قيض الله لنا من أبنائى المتخرجين فى كلية دار العلوم طالبًا نابغًا أخذ بنصحى وتوجيهى وقام بتلك الدراسة.
ويشهد له ريادته فى العربية بثلاثة أعمال هي: كتابه “فى علم الدلالة” الذى يُعد الأشهر والجامع المانع فى مادته ورؤاه، طرقه لعدد من مباحث علم اللغة العربية التى لم يسبق لغيره فيها نصيب، من قبيل كتابه “اللغة واللون”، وكتابه “اللغة والنوع .. صناعة المعجم العربى نظرًا وتطبيقًا”. فكان كتابه “صناعة المعجم العربي” فى مجاله عربيًا، وكان مؤسسًا لصناعة المعاجم والجمع بين الذخيرة التراثية الهائلة ووسائل التقنية الحديثة، وما ينبغى التزامه أو اجتنابه من عمليات إجرائية أثناء تنفيذ المعاجم، كما قرأ المعاجم المعاصرة والقديمة عربيًا ودوليًا، كما أن جهوده التطبيقية فى عمل المعاجم اللغوية والثقافية تجعله من أبرز المعجميين العرب المحدثين دون مبالغة.
كانت من أهم اهتماماته التحقيقات المعجمية التراثية ومن أمثلتها تحقيقه لمعجم لـ”ديوان الأدب للفارابي”. ومؤلفاته اللغوية موزعة على الكتب والبحوث اللغوية المتنوعة، نذكر منها: “تاريخ اللغة العربية فى مصر”، و”من قضايا اللغة والنحو”، وترجمته للمؤلفات اللغوية الحديثة ومنها كتاب “أسس علم اللغة لماريوباى”.
وتتوالى الأنشطة فى مجمع اللغة العربية من خلال لجنتى “الأصول ولجنة البحوث واللهجات” وكذلك من خلال المحاضرات العامة التى كان يقيمها المجمع، والمناقشات التى كانت تتم فى المجمع وقد نشر كتابا بعنوان :”أنا واللغة والمجمع” تحدث فيه عن جهوده أثناء عضويته فى المجمع ونشاطه اللغوى.
كما تولى عمادة كلية الآداب بجامعة الكويت لفصلين دراسيين، ثم تولى رئاسة قسم اللغة العربية بالجامعة نفسها لمدة خمس سنوات، ثم عضو هيئة التحرير بمجلة كلية الآداب. وقال عنه الدكتور عبدالعزيز سعود البابطين: لم يكن مجرد عالم أكاديمى مختص باللغة، بل كان عاشقًا للغة متيمًا بها. ويقول دكتور أحمد كشك: كان ركنًا وطيدًا وحارسًا أمينًا للفكر العربي. ويقول الدكتور سعد مصلوح: إن الله سبحانه قد اختاره ليجعل للعلم فى كل نفس يتنفسه نصيبًا مفروضًا. ويقول دكتور عبدالله المهنا: إن الباحثين سيتوقفون كثيرًا عند منجزاته نظرًا لما تنطوى عليه من جدة وابتكاره. كما يذكر الأستاذ فاروق شوشة: أنه ليس مجردا أستاذًا لعلم اللغة، ولكنه كان حركة علمية دائبة، تنشر وهجها فى كل موقع يشغله.