ارتفاع الأسعار يسرق فرحة المصريين بالعيد

0 267
               بقلم / سارة السهيل
     أخصائية في علم النفس التربوي
تنتظر الشعوب العربية والإسلامية هلال شهر شوال للاحتفال بعيد الفطر المبارك الذي يبدأ التحضير له منذ منتصف شهر رمضان المعظم بالبلدان العربية. فتكاد تتشابه طقوس الاستعداد لعيد الفطر في معظم الدول العربية، من تنظيف المنازل وتزينها، وطلائها لدى بعض الميسورين، وتزيين المساجد، وشراء ملابس العيد خاصة للصغار، وشراء الهدايا، وألعاب الأطفال، وصنع الحلويات مثل الكعك (المعمول) والبسكويت والبيتي فور في مصر وتونس و الأردن ولبنان.
وتتشارك أيضًا بهذه المناسبة لإقامة حفلات الخطوبة والزواج داخل الأسر استثمارا لعطلة العيد وحضور معظم أفرادها، كما تتقاسم فرحة العيد بتبادل الزيارات بعد صلاة العيد وتحقيق التراحم والتواد الأسري بالتصالح بين المتخاصمين.
غير ان عيد الفطر هذا العام يأتي في ظل أزمة اقتصادية خانقة بفعل تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية، وما نتج عنها من ارتفاع سعر صرف الدولار، ومن ثم الارتفاع الجنوني في أسعار السلع والخدمات.
ناهيك عن جشع التجار المعهود في مثل المواسم وقيامهم برفع الأسعار أضعافا مضاعفة لتحقيق مكاسب خرافية على حساب المستهلك العربي خاصة في مصر والعراق والأردن.

 

العيد بنهكة مصرية

تحتفل مصر بعيد الفطر بمذاق الكعك الذي ينطقونه “كحك” والبسكويت والبتي فور التي تصنعها الأمهات بالمنازل كطقس تراثي في الأسبوع الأخير من شهر رمضان، أما اليوم فإن معظم الأسر المصرية تلجأ لشرائه جاهزا من محال الحلويات والمتاجر، ولكن بكميات محدودة للغاية نظرا لارتفاع الأسعار. كما يقوم المصريون بتمليح الترمس والحلبة، والأسماك المملحة كالفسيخ والرنجة والتونة لتناولها بعد شهر الصيام.
ويقبل المصريون على شراء ملابس العيد خاصة للصغار، في ظل ارتفاع جنوني في الأسعار، غير أن مصر واجهت ارتفاع الأسعار ببعض الإجراءات التي يقدمها المجتمع المدني لامتصاص الغلاء وتوفير السلع للطبقات الفقيرة خاصة مستلزمات العيد من حلويات وملابس،
بتنظيم عددًا من الأنشطة الخدمية للمواطنين بسبب الغلاء، مثل إقامة معارض الأسر المُنتجة، والذي يوفر المنتجات والملابس الجاهزة بأسعار مخفضة، وتوزيع وجبات الإفطار على الصائمين، وإقامة منافذ لبيع السلع الغذائية واللحوم الأساسية بأسعار مخفضة نسبيًا.
كما أقامت معارض “أهلاً بالعيد” لبيع الملابس الجاهزة والأحذية ومستلزمات العيد بأسعار مخفضة، مثل حلوي العيد من الكعك والبسكويت، وإرسال مقاعد للأطفال والدراجات و المواد الغذائية واللحوم والدواجن لدور الأيتام، وتوزيع ملابس جديدة للسيدات القائمين على رعاية الأطفال.
وقبيل أداء صلاة العيد تصدح مكبرات الصوت في المساجد بالتكبيرات والتواشيح الدينية. وتؤدى صلاة العيد في الساحات الكبيرة والمساجد العريقة بالقاهرة، ويعقبها تبادل التهاني بالعيد المبارك، ويذهبون إلى المقابر للترحم على الأموات، وقراءة بعض الآيات القرآنية عليهم.
ومن أهم طقوس الاحتفال بعيد الفطر المبارك، تقديم الهدايا والعيدية للأطفال بملابسهم الجديدة، ليقوموا بركوب المراجيح والذهاب إلى
الملاهي والمراكب الشراعية العائمة في النيل، كما ينتشر الناس في الحدائق والمتنزهات والملاهي ودور السينما.

مذاق العيد في الأردن

تستعد العائلات الأردنية لاستقبال العيد بشراء ملابس الأطفال والكبار، في الأسبوع الثاني من شهر رمضان المبارك وحتى وقفة عيد الفطر،
وتحايلت الكثير من الأسر الأردنية التي أنهكتها الظروف الاقتصادية وتكاليف شهر الصيام، على ارتفاع الأسعار باللجوء إلى العروض الخاصة التي تقدمها بعض المتاجر وتتحقق فيها الكثير من التخفيضات على أسعار الملابس ومستلزمات العيد. فالأسرة الأردنية منذ وباء كورونا وهي تتنفس الصعداء نتيجة تراجع الدخول وفقدان البعض لوظائفهم، فكانت فكرة التخفيضات التي تقدمها بعض المتاجر، وأعلنت عنها مواقع التواصل الاجتماعي، متنفسا لها لكي تلبي احتياجات أبنائها من ملابس العيد وإدخال الفرحة على صغارها.
غير أن الكثير من المحال التجارية تستغل موسم العيد في تحقيق أرباح خيالية، خاصة في أسعار الملابس والأحذية، وحاجة الناس لشراء مستلزمات العيد فتضاعف الأسعار بشكل مبالغ فيه ولا يتناسب مع الدخل العام للأسرة.
ولذلك أناشد التجار إلي إجراء تخفيضات حقيقية ليستفيد منها الشعب الأردني، بدلاً من تكدس البضائع في المخازن ولا يجد من يشتريها في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة. كما يتوجه الناس إلى صلاة العيد في الشوارع العامة والأماكن المخصصة للصلاة، ثم يبدأون زياراتهم للأهل والأقارب وتوزيع العيدية على الأطفال.
ومن الملامح الرئيسية لعيد الفطر بالأردن المحافظة على طقس الاجتماع في منزل كبير العائلة لتناول طعام الفطور، كما تخرج العائلات إلى المتنزهات والأماكن العامة، وعادة ما يكون الغداء وجبة من الشواء و المسخن و المكمورة، وتناول كبدة الخروف المحشية بالبقدونس والثوم، وتناول وجبة المنسف المهمة.

العراق و الكليجة

في الوقت الذي يشكو المجتمع العراقي فيه من البطالة وانخفاض دخل الأسرة، فإنه مع قرب حلول عيد الفطر المبارك، أصيبت المحال التجارية بسعار الإرتفاع الجنوني خاصة في الملابس التي زادت بنسبة 30% عن العام الماضي، وهو الأمر الذي اضطرت الكثير من الأسر العراقية لعدم شراء ملابس العيد لصغارها.
وعزى بعض التجار ارتفاع الأسعار إلى تخوف المستوردين من ارتفاع سعر الدولار، وهي حجة واهية لأنه في كل موسم يقوم التجار برفع الأسعار تحقيقا للمكاسب الكبيرة علي حساب المستهلكين وظروفهم الصعبة. ولا حيلة للمواطن العراقي أمام هذه الأزمة إلا بقيام السلطات العراقية بإقامة معارض للملابس بأسعار مناسبة كما تفعل مصر لمحاربة جشع التجار في ارتفاع الأسعار. فلابد من تفعيل دور جمعيات حماية المستهلك يواكبها تفعيل وموازي من جانب الأجهزة الرقابية على الأسواق لمنع استغلال التجار للمواطن العراقي في أيام المواسم والأعياد.
تبدأ التجهيزات لعيد الفطر بالعراق قبل حلوله بعدة أيام بشراء ملابس العيد للأطفال، وتحضير الحلوى المشهورة باسم “الكليجة”، ويجري التحضير لها بكل المدن قبل العيد بيومين، حيث تتجمع بنات الخالات والأخوات والنساء والأقارب في مجلس لتحضيرها، بينما يترقب الأطفال خروج أول قطعة حلوى ليتدافعوا عليها فرحاً لنيل شرف تذوقها كأول فرد من العائلة، وخصوصاً المحشية بالتمر. تقدم “الكليجة” في العراق عادة مع الشاي، وعدد من الحلويات العراقية الأخرى كالمن والسلوى، أو الحلقوم، أو المصقول.
وفي ليلة العيد يتسابق أبناء الشعب العراقي على دخول الحمام للاستحمام، و يُطلق عليها “حُماية” العيد، أما الأجداد القدماء فقد كانوا يسمّونها “أم الحلس”، ففيها الأطفال الصغار يحلقون رؤوسهم كاملة، والبنات يتسابقن بطول شعرهنّ مع بنات عمهنّ وأخواتهنّ والأقارب، ووضع الحناء على أيديهنَّ وتزينيها.
ولا يزال طقس العيدية منتشر بالدول العربية ومنها العراق محافظا على حضوره، باعتباره أحد مظاهر الفرحة عندما يذهبون إلى الأجداد والآباء لمعايدتهم والحصول على المال.
صلاة العيد في العراق مفتتح لبدء الزيارات العائلية بعد تناول وجبة الإفطار الصباحي، بالذهاب إلى بيت الوالدين والبقاء هناك لتناول طعام الغداء، وبعده معايدة الأرحام والأقارب والأصدقاء، والحرص على تقديم زكاة الفطر للفقراء وإعطائهم الميسور من كسوة العيد في عادة كانت ولا تزال قائمة إلى يومنا هذا.
كما يحرص العراقيون على زيارة المقابر وهي عادة يحافظ عليها الآباء والأجداد. غير أن الشباب العراقي مثله مثل شباب معظم الدول يهتم أكثر بعصر التكنولوجيا، حيث يقضون معظم أوقاتهم في المناسبات والأعياد على وسائل التواصل الاجتماعي. كذلك كثير من الأسر باتت تكتفي بتهنئة ذويها عبر الرسائل الإليكترونية مما يُضعف من تماسك النسيج العائلي والتواصل الرحمي .

 

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق