قمة المناخ في مدينة السلام (CoP27) والاقتصاد الأخضر

0 27٬713

  

بقلم: علي الحاروني:

 منذ الإعلان عن اختيار مدينة السلام لاستضافة الدورة 27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ خلال الفترة من 7 إلى 18 نوفمبر 2022م والذي يقام في مدينة شرم الشيخ ويحضره 30 ألف مشارك من 196 دولة حول العالم لاستكمال المحادثات والمشاورات العاملية بشأن المناخ وتعبئة العمل وإتاحة حلول عملية وواقعية لمواجهة تداعيات آثار المناخ في أفريقيا والعالم العربي وتخفيف الآثار السلبية المرتبطة بتغيير المناخ وتحسين حركة وإدارة العمل في مجال تغير المناخ بالاضافة إلى تحسين البنية التحتية لتمويل الأنشطة المناخية وتعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة ورفع الوعي لمكافحة تغير المناخ.

فما هي أولويات قمة شرم الشيخ؟ وكيف يمكن رسم صورة مستقبلية عالمية وعربية لمواجهة التغير المناخي على ضوء مبادرة الشرق الأوسط الأخضر هذا ما سوف يتم تناوله عبر محورين رئيسيين:

أولا:- أولويات على قمة شرم الشيخ

لا شك أن إستضافة مصر لمؤتمر الأطراف السابع والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ Cop27 والمقرر إقامته خلال شهر نوفمبر 2022م هو الحدث البيئي الأبرز عالميا الذي تتعاظم أهميته مع تزايد التحديات والمخاطر العالمية المترتبة على ظاهرة الاحترار العالمي, وتمثل فرصة لتعزيز العمل المناخي الدلسي وتوحيد الجهود العربية والأفريقية فيما يتعلق بقضايا التمويل والتكيف مع آثار تغير المناخ, مع طرح مجموعة من المشروعات للتخفيف من آثار التغير المناخي ومنها برنامج الطاقة الجديدة والمتجددة متضمنا الهيدروجين الأخضر وبرنامج النقل, وبرنامج تخزين واحتجاز الكربون ونقله وللتكيف مع برامج مخصصة للزراعة والمحاصيل وحماية المناطق الساحلية وتحلية المياه بالطاقة المستدامة.

لقد بدأ العالم يلمس آثار التغير المناخي على البيئة والأمن والاقتصاد والغذاء ومن هنا تكمن أهمية قمة شرم الشيخ لتغير المناخ لإقامة تحالف عالمي وشرق أوسطى لمكافحة التغير المناخي ودعم الاقتصاد الأخضر وتعزيز الاستثمار فيه ووضع أسس دبلوماسية المناخ وتعزيز الإرادة السياسية العالمية لإحداث تغيير جذري فيما يتعلق بالحفاظ على البيئة والاستعداد لمواجهة أزمة الأمن الغذائي العالمي وللحد من آثار الاحتباس الحراري والتغير المناخي والعمل على تحقيق التعاون بين القطاعين العام والخاص لتحقيق الأمن الغذائي العالمي .

إن الآمال العربية والشرق أوسطية معقودة على قمة شرم الشيخ لرسم خريطة طريق عالمية وعربية لحماية عالمنا من آثار بيئية كارثية سعيا للتنمية وتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي, وبات من الضروري الوعي بخطورة الأضرار الناجمة عن التغيرات المناخية ومواجهة تحدياتها المتعاظمة ووضع حلول مشتركة لكافة التحديات وتأتي مسألة إنشاء منصة تعاون لتطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون إلى جانب إطلاق مبادرتين للمناخ والتوجه نحو الاقتصاد الأخضر وتأسيس برنامج إقليمي لاستمطار والسحب ومركز إقليمي للتنمية المستدامة وللإنذار المبكر بالعواصف في المنطقة ووضع خريطة طريق في المنطقة لتقليل الانبعاثات الكربونية في المنطقة بأكثر من 10% من الاسهامات العالمية, تزامنا مع تحقيق التنمية المستدامة القائمة على التكنولوجيا المتقدمة ولتنفيذ المبادرة العربية-السعودية والمعروفة “بمبادرة الشرق الأوسط الأخضر” والتعهدات الدولية ولا سيما أهداف التنمية المستدامة واتفاقية باريس وتطوير أو تحديث الخطط البرلمانية الاستراتيجية وتعزيز الدور الرقابي للمجالس التشريعية لمواجهة التحديات المستقبلية للتغير المناخي.

 ثانياً: رؤية مستقبلية لقضية التغير المناخي.

ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر .

إن الأمال معقودة علي مبادرة الشرق الأوسط الأخضر لرسم خارطة طريق عربية تحمي منطقتنا من آثار بيئية كارثية سعياً للتنمية الشاملة وتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي .

ومنذ إعلان السعودية مبادرتها ( الشرق الأوسط الأخضر ) في اكتوبر 2021م وهي تمثل تغيراً نوعياً جوهرياً في الاستراتيجيات البيئية بدول المنطقة ولتعطي دفعة قوية للتخفيف من آثار التغيرات المناخية وذلك لتميز المبادرة بالدعوة لزيادة المحميات الطبيعية ودعم برنامج لإعادة التشجير في المنطقة بزراعة 40 مليار شجرة وتمثل 5% من أهداف التشجير العالمية واستعادة 200 مليون هكتار من الأراضي , علاوة علي إطلاق مبادرة عالمية لتقديم حلول الوقود النظيف لتوفير الغذاء لأكثر من 750 مليون شخص حول العالم , مع دعوة المبادرة لإنشاء مجمع إقليمي لاستخراج وتخزين الكربون .

هذا مع إعداد البنية التحتية اللازمة لحماية البيئة وتطوير أنظمة الإنذار المبكر للكوارث الطبيعية , ودفع العمل المناخي في المنطقة مع شركائها الدوليين لإيجاد حلول متبكرة تقلل مستوي الإنبعاثات الكربونية بشكل أكثر كفاءه وفعالية .

علينا جميعاً الاستعداد للتغيرات الهيكلية للاقتصاد العالمي وبداية الانتقال التدريجي لنظام عالمي ما بعد النفط والتحول العالمي للاعتماد علي المصادر البديلة للطاقة ولمواجهة تحديات التغير المناخي .

وبلا شك تعد مبادرة الشرق الأوسط الأخضر هي الأمل والحل الأمثل المستدام للتعامل مع التحديات البيئية في الشرق الأوسط مثل التصحر وشح الأمطار والإجهاد المائي وارتفاع درجات الحرارة وانعدام الأمن الغذائي … الخ , مع دعم المؤسسات البيئية والمشاركة المجتمعية ورفع كفاءتها والاستخدام الأمثل والمستدام للموارد الطبيعية النادرة مثل المياه والأراضي والتعامل المستدام مع مصادر الطاقة علاوة علي مكافحة التلوث وضبط معدلاته لتفادي أضراره .

وحتي تكتمل الصورة المثلي لرسم استراتيجية قادرة علي مواجهة التغيرات المناخية , مع الوضع في الاعتبار ملامح وأهداف مبادرة الشرق الأوسط الأخضر لا بد من خلق قاعدة بحثية وعلمية من خبراء المنطقة في مجالات البيئة وإنشاء هيكل مؤسس عالمي يشمل جميع دول الشرق الأوسط والدول المجاورة والمشاطئة وتحديد البرامج التنفيذذية وفق جدول زمني محدد لتنفيذ المبادرة ومشاركة الشباب والمرأة ومراكز البحوث ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية في الحد من الأزمات البيئية .

وبلا شك أن الإرادة والالتزام السياسي من كل الدول العالمية هي المحدد الأساسي لخلق استراتيجية عالمية جادة لمواجهة التحديات العالمية وبخاصة البيئية والمناخية منها وتصحيح أخطاء الماضي ولحفظ حقوق الأجيال القادمة في العالم  .

وفي النهاية يجب التأكيد علي أن التحول إلي الاقتصاد الأخضر وهو اللبنة الأولي لمواجهة التغيرات المناخية وتعد المشاركة المجتمعية من أهم محاور التحول للاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة ولمواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة مع العمل علي النهوض بالكوادر والقدرات الوطنية لدعم الاقتصاد الأخضر بحيث تكون الدول العربية منتجاً للتكنولوجيا الحديثة القادرة علي مواجهة تحديات التغيرات المناخية والأزمات الاقتصادية العالمية .

وأخيراً وإذا كانت السعودية قد احتضنت منتدي الشرق الأوسط الأخضر بمشاركة دولية واسعة ولرسم خريطة اقليمية لمواجهة تحديات تغيرات المناخ , فإن مصر عليها مسئولية إقليمية ودولية لتبني مبادرات عملية وواقعية لمواجهة أزمة المناخ والمياه والغذاء … الخ وذلك بحلول متبكرة وأدوات مبدعة تمويلية وفنية تحظي بقبول عالمي وإقليمي.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق