منهاج المسلم وسلوكه في رمضان (4)

0 820

الصيام: تهذيب للأخلاق، وتطهير للقلوب، وتزكية للنفوس

بقلم: أحمد فيظ الله عثمان
        مدير عام الإدارة التعليمية بالمعادي سابقًا

لم يفرض الله علينا الصيام للمشقة، ولا لأجل أن نمتنع عن الطعام والشراب فقط، وإنما أراد الله أن يهذبنا بالصيام، وليكون سبيلاً لتقويم السلوك والأخلاق، فالصيام منحة ربانية، وعطية إلهية، وتهذيب للأخلاق وتقويم للسلوك، فعن هديه الشريف عليه الصلاة والسلام:
 * تناول السحور: فعن أنس بن مالك (رضى الله عنه) قال: فال النبى (صلى الله عليه وسلم): (تسحروا فإن فى السحور بركة) (رواه البخارى)، والبركة المقصودة هنا مادية ومعنوية. أما المادية، فإن طعام السحور يكون سببًا لعون المسلم على الصوم، وأما المعنوية فهى الاستجابة لأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفيها من البركة ما فيها، لذلك حرص النبى (صلى الله عليه وسلم) على السحور ورغب فيه. فعن أبى سعيد الخدرى (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): السحور أكله بركة، فلا تدعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء، فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين) رواه أحمد).
 *تعجيل الفطر: والدعاء عنده، فهو أمارة على بقاء الخير فى الأمة، فعن سهل بن سعد (رضى الله عنه)، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر (متفق عليه)، وقد كان عليه الصلاة والسلام إذا أفطر قال: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله) (رواه أبو داود).
 *الجود والكرم: فعن ابن عباس (رضى الله عنهما) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أجود الناس، وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه فى كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، لأن رسول الله أجود بالخير من الريح المُرسلة (متفق عليه).
*  قيام الليل بالصلاة وقراءة القرآن الكريم: فعن أبى هريرة (رض الله عنه): أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: من قام رمضان إيمانًا وإحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه (رواه البخاري)، وقد سن النبى (صلى الله عليه وسلم) صلاة القيام (التراويح) فى رمضان .
إن المسلم الحقيقى هو الذى يسعى بكل ماأوتي من قوة إلى الكمال في عباداته ليكون عمله مقبولاً، وذنبه مغفورًا، وعيبه مستورًا، وسعيه مشكورًا، فيتجنب كل ما يؤدى إلى بطلان عمله استجابة لأمر الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) محمد (33).
فينبغى على المسلم تجنب الأعمال المذمومة على مدار العام عامة، وفى رمضان خاصة، حتى لا يُحبط عمله ويأتى يوم القيامة بصورة الرجل الذى أفلس وهو يظن أن معه من المال ما يحقق ما يتمناه. فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، وقال: إن المفلس من أمتى يأتى يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتى قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طُرح فى النار “رواه مسلم”.
ومن ثم فليحذر المسلم من الأمور التى تتنافى مع آداب الصوم وأهدافه ومنها :
*   قول الزور وشهادته أو العمل به: فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه) (رواه البخارى). ومن صام ولم يترك الكذب والعمل به فلا قيمة لصيامه. قال جابر بن عبد الله (رضى الله عنهما): )إذا صمت فليصم سمعك، وبصرك، ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك). (رواه بن المبارك فى الزهد).
* ارتكاب ما يتنافى مع الصوم من قبيل الأقوال والأفعال والتحرش: قال تعالى: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ق (18).
* الإسراف والتبذير فى المأكل والمشرب والملبس: لقد نهى الله سبحانه وتعالى عن ذلك على بقوله: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء (27). فرمضان شهر تهذيب وتقويم للسلوك، وليس شهر إسراف وتبذير فى الطعام والشراب.
إن شهر رمضان فرصة عظيمة لتجديد العهد مع الله (عز وجل) بالحفاظ على الدين، واستثمار الأوقات فى طاعة الله -تعالى ورسوله (صلى الله عليه وسلم). فلنتخذ منه سبيلاً للعمل، ووسيلة لدفع مسيرة أمتنا الإسلامية نحو المزيد من التقدم والإنتاج.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق