تطورات الحالة السكانية فى مصر بين الواقع والمأمول

0 447

كتب/ أحمد فيظ الله

مدير عام الإدارة التعليمية بالمعادى سابقًا

أعلن جهاز الإحصاء بلوغ عدد السكان “102 مليون نسمة”، حيث تحققت زيادة سكانية قدرها مليون نسمة خلال 275 يوماً أي 9 شهور و5 أيام، حيث بلغ متوسط الزيادة السكانية اليومية “الفرق بين أعداد المواليد والوفيات” 3636 نسمة خلال فترة بلوغ عدد السكان 102 مليون “من 3 أكتوبر 2020 إلى 5 يوليو 2021” أي “152” فرد كل ساعة أي “2.5” فرد كل دقيقة بما يعني أن الوقت المستغرق لزيـادة فرد إلى عدد السكان هو 24 ثانية.

 

فالمشكلة السكانية فى مصر واقع ملموس، استقر مفهومها ووضحت أبعادها وآثارها فى شتى نواحى الحياه: فى المرافق، والخدمات، ومستوى المعيشة، والإنتاج. وقد كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ووفقا لآخر مسح صحى أُجرى عام 2014 فإن متوسط معدل الإنجاب من سن 15 عام وحتى 49 عامًا بلغ نحو 3-4 طفلاً لكل سيدة في هذه المرحلة العمرية (أى مولود جديد كل 24 ثانية)، وأن هذا المعدل يُعد كبير جدًا ومحذرًا من أن تعداد سكان مصر سيصل إلى 193 مليون نسمة فى عام 2052 إذا استمرت معدلات الإنجاب على الوضع الحالى. وهكذا نجد أن مصر تحتل المرتبة الثامنه عالميًا من حيث عدد المواليد سنويا، والأولى عربيًا فى عدد السكان، مما دفع الحكومة المصرية إلى التحذير من تبعات الزيادة السكانية على مدى عقود مضت.

أسباب الزيادة السكانية  

1- زيادة عدد المواليد: وهو أحد أهم الأسباب المؤدية لزيادة عدد السكان.

2- انخفاض معدل الوفيات: وهذا واضح فى الفترة من النصف الثانى من القرن العشرين، ويعود الفضل فى ذلك إلى تطور الرعاية الصحية وتوفير الوحدات الصحية الحكومية.

3- العادات والتقاليد: ويظهر ذلك فى المجتمع الزراعى، حيث أن ثقافة الفلاحين تتركز فى عدم قبول تحديد النسل بسهولة والاتجاه نحو كثرة الإنجاب فهم يرون أن (كثرة الأولاد عزوة، وبركة، ومصدر رزق، وفى كثرة الأولاد محافظة على الزوج).

4- العلاقة بين الفقر ومعدلات الخصوبة: الأسرة الفقيرة تحب أن إنجاب أكبر عدد من الأطفال، كى يساعدوا فى تدبير نفقات الحياة من خلال دفعهم إلى العمل فى سن صغير.

والسؤال: هل تستطيع موارد البلاد وخطط التنمية الطموحة التى تنفذها الدولة أن تزيد بنفس المعدل؟ من الطبيعى ألا تلحق معدلات التنمية بمعدلات النمو السكانى، والنتيجة أنه لابد أن يحدث خلل بين الموارد وحاجات السكان، ويترتب على ذلك قصور فى الخدمات التى تقدمها الدولة ومنها :

 * الخدمات الصحية: يوجد قصور كبير فى الخدمات الصحية والذى يتمثل فى عدم انتظام خدمات تنظيم الأسرة فى أماكن كثيرة بصعيد مصر ووجود مناطق كثيرة محرومة من الخدمة .

* التعليم: يتمثل فى وجود تكدس كبير فى كثافة الفصول، ومدارس تعمل فترتين، وهذا يرجع إلى عدم بنا ء مدارس تواجه الزيادة السكانية، حيث وصل العجز إلى 150 ألف  مدرسة، بالإضافة إلى وجود عجز فى المعلمين وصل إلى أكثر من 250 ألف مدرس، وقصور فى صيانة المبانى التعليمية، وانتشار ظاهرة تسرب التلاميذ فى المرحلة الابتدائية خاصة فى الريف، مما يدفع الآباء إلى تزويجهم فى سن صغير مما ينعكس على الزيادة السكانية.

* التنمية المستدامة: الزيادة السكانية تؤثر سلبًا على تحقيق التنمية المستدامة، والوضع الاقتصادى يتأثر بشكل كبير فى زيادة الاستهلاك لدى الأفراد، وزيادة نفقات الدولة على الخدمات، وانتشار ظاهرة البطالة، والانخفاض فى نسبة الأجور فى القطاع العام والخاص، وارتفاع أسعار الوحدات السكانية .

ومن آثارها أيضا حدوث اختلالات فى النظام المجتمعى فى الدولة، وقد يسبب ارتفاع نسبة البطالة، وقلة فرص العمل، وانتشار الجريمة، والتحرش بأنواعه، والشباب يمكث بضع سنوات بعد انتهاء الدراسة بلا عمل .

ومن الآثار الناتجة أيضا من المشكلة السكانية: الازدحام، والضوضاء، والتلوث البيئى بأشكاله المختلفة، وما ينجم عنه من مشكلات صحية، وسلوكية، واجتماعية، واقتصادية، وتعليمية .

كيف نعالج المشكلة السكانية؟

لاشك فى أن مشكلة الزيادة السكانية تعتبر قضية مجتمعية وقومية تتطلب أن نتكاتف جميعًا مع الدولة لحلها والتصدى لها كما يلى:

  • الاهتمام بالتعليم وتشجيع الأفراد على مواصلة تعليمهم إلى مرحلة متقدمة مما يساعد على تأخير الزواج، وهذا يؤدى بدوره إلى خفض معدل الخصوبة ومن ثم ينخفض معدل الزيادة السكانية.

  • محو الأمية: حيث نجد أن ارتفاع معدل المواليد يرتبط بالأمية وانخفاض الدخل،

فتلتقى المشكلة السكانية ومشكلة الأمية فى علاقة وثيقة، إذ يؤثر كل منهما فى الآخر ويتأثر به، فتزايد السكان يضيف إلى أعداد الأميين الألوف من الأطفال .. الخ.

  • الاهتمام بالتصنيع: حيث تبين من الأبحاث الميدانية أن الاشتغال بالصناعة وما يترتب عليه من تحسن فى مستوى المعيشة والتطلع إلى حياة أفضل يؤخر فى سن الزواج للشباب وبذلك يؤثر على الحد من المشكلة السكانية .

  • توعية الأبناء والطلاب بفهم المشكلة السكانية بأبعادها المختلفة وآثارها حاليًا ومستقبلاً تكونت لديهم الاتجاهات السليمة نحوها، ومن هنا يمكن تجنب الكثير من الآثار السيئة فى المستقبل.

  • تدريس التربية السكانية فى مراحل التعليم المختلفة، خاصة فى المرحلة الجامعية، كحركة للتجديد التربوى تربط ما يدرسه التلاميذ بواقع حياتهم ومشكلاتهم اليومية التى لا تخلو منها تأثيرات المشكلة. ومن هنا توظف المعلومات ويشعر التلميذ أن ما يدرسه داخل جدران المدرسة مشكلات حقيقية واقعة يعرف ويمارس الطريق لحلها والتغلب عليها. ومن هنا تتكون لديه العقلية المرنة القادرة عل إدراك الأبعاد والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية وعلاقتها بالسكان سلبًا أو إيجابًا.

  • ضرورة تبنى المجتمع لبرنامج طموح لتنظيم الأسرة فى إطار برامج التنمية الشاملة. وعلى الإعلام أن يؤدى دوره فى هذا المجال، وكذلك رجال الدين الإسلامى والمسيحى .

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق