الاكتئاب .. الوباء الصامت

0 667

            بقلم/ زهرة شوشة

الاكتئاب من أكثر الأمراض خطورة على حياة الإنسان، ويُعد هو عامل الخطر الأول لمحاولة الانتحار أو (الانتحار)، وقد تسبب تجارب الحياة السيئة مثل النكسات الاقتصادية والفشل الرومانسي والقضايا القانونية والأمراض المزمنة وتعاطي المخدرات في خلق بيئة خصبة للانتحار، بالإضافة إلى الشعور بالتعاسة والحزن الشديد ولوم النفس والشعور بالذنب والعصبية والتوتر وفقدان الطاقة الجسدية والعقلية وعدم القدرة على الإحساس بقيمة ومتعة أى شئ والشعور بأن كل شئ أصبح عبئا ثقيلا يتطلب القيام به جهدا كبيرا، يضاف إلى ذلك اضطرابات فى النوم منها الاستيقاظ مبكرا والأفكار السلبية عن النفس واليأس من المستقبل إلى درجة تمنى الموت والشروع فى الانتحار.

 

فإلى جانب حالات اليأس تلك، قد يعتقد شخص ما أن الانتحار هو السبيل الوحيد للهروب من المعاناة، ويحد من حالات الشفاء من الاكتئاب مزيد من الدعم من قبل الأقرباء من أفراد الأسرة أو العائلة أو الأصدقاء، والعيش على أمل مما يجعل من الصعب على الأشخاص المكتئبين تقييم العناصر الجيدة في حياتهم جنبًا إلى جنب مع العناصر السيئة، أو تقييم كيف أن موتهم سيؤذي من يحبونهم.

 

في الواقع، يعتقد الكثير من المصابين بالاكتئاب أن الآخرين سيكونون أفضل حالا منهم، وهو تشويه يمكن أن يؤدي إلى زيادة التفكير في الانتحار. فقد سمعت كلمة من فضيلة الشيخ علي جمعه بأنه الانتحار “سوء أدب مع الله”، ومع ذلك لم أجد تغير في طرح الخطب والوعظ من رجال الدين لمواجهة هذه الظاهرة ولا علماء النفس في التعرف على العوامل النفسية المنتشرة داخل المجتمع.

 

وباعتبار أن البشر مخلوقات اجتماعية، فالتواصل الاجتماعي ببث حوارات توعوية ونفسية ودينية هو أمر بالغ الأهمية للتغلب على المصابين بالاكتئاب والتفكير في الانتحار. ولكن عندما تكون وسائل الاتصال محدودة يجد الأفراد الذين يعانون من تلك الأفكار صعوبة في تحمل العبء وحدهم. وبالنسبة للمشاكل في العمل أيضًا نجد العديد من الأشخاص إن لم يكن معظمهم وظائفهم تشكل جزءًا أساسيًا من حياتهم، ولكن عند فقدان الوظيفة أو التعرض لضغوط داخل العمل يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالعجز وعدم الكفاءة والاكتئاب، يمكن أن يؤدي إلى الانتحار، قد يكون الشخص يمر بضائقة مالية كبيرة يصعب التغلب عليها من كثرة الالتزامات المفروضة عليه، وعدم قدرته على دفع قيمة الإيجار وما يتبعه من استهلاكات الكهرباء والمياه والغاز، ناهيك عن المصروفات المنزلية الخاصة بالمأكل والمشرب والملبس وأقساط المدارس والدروس الخصوصية والسناتر .. إلخ.  كل ذلك يرتبط ارتباطًا وثيقًا بزيادة حالات الاكتئاب والأفكار الانتحارية.

 

ولعلاج هذه الحالات البائسة والخروج منها وعدم التفكير فيها يمكن تقديم الوعي والعون من الأسرة أو العائلة أو المجتمع أو الأصدقاء المقربين أن يساعدوهم حتى يتغلبوا على مشاعر اليأس التي أصابتهم والعودة إلى صوابهم مرة أخرى. فعندما نزيد من الشعور بالترابط والانتماء والأهمية لديهم، فإننا نقلل من نسبة الحالات النفسية التي تسبب مرض الاكتئاب. ولا شك في أن المدارس والكليات تلعب دورًا مهمًا لا يقل أهمية عن التطور العاطفي والاجتماعي والديني للنشء في تعزيز التنمية ومساعدة الشباب والطلاب على الاستعداد للإقبال على حياة مشرقة صحية مع الذات والعلاقة بالآخرين.

 

نحن بحاجة إلى تفعيل استراتيجية للتعامل مع حالات الاكتئاب والانتحار وتعزيز الوعي الكامل إعلاميًا للحد من هذه الظاهرة التي تؤدي بشبابنا إلى الهلاك، والبحث في توفير سبل العيش برخاء وازدهار، وإطلاق حملات ونصائح عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة للتوعية واتباع نهج شامل لوضع حد لعلاج حالات الاكتئاب والقدوم على الانتحار الذي يقع تحت طائلة الكُفر بنعمة الحياة.

 

 

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق