طابور العذاب في مكاتب التوثيق بالخارجية .. الداخل مفقود والخارج مولود!

0 314

   كتب/ د. أشرف رضوان

 

التعامل مع مكاتب التوثيق تُعد مأساة بجميع المقاييس، سواء للمواطن العادى أو حتى للموظف الذى يترك عمله لكى ينهى مصالحه الخاصة. مشكلة مكاتب التوثيق بوزارة الخارجية تكمن فى «الروتين والمنظومة البيروقراطية المعقدة»، التى تتطلب التنقل بين أكثر من موظف والوقوف فى طوابير طويلة لإنهاء الإجراءات.
استوقفنى أحد الأصدقاء ليحكى لى معاناته أثناء محاولته تجديد إجازة لزوجته التى تعمل طبيبة فى إحدى الدول العربية والتى لم يحالفها الحظ لكى تقوم بتجديد الإجازة بشخصها أثناء تواجدها فى مصر فى إجازة قصيرة، لم تستطع خلالها إنجاز أى خطوة فى هذا الشأن. فالأمر ليس بالشيء البسيط الذى كانت تعتقد إنجازه فى زيارة واحدة للمنطقة الطبية التابعة لها بتقديم طلب لمد الإجازة مع إحضار ما يفيد سداد التأمينات والاستمرار فى العمل فى الدولة العربية لعام اخر .
لكن ما حدث كان مفاجأة ليس فقط لها أثناء محاولتها التى باءت بالفشل وإنما انتقلت الصدمة إلى زوجها الذى كتبت عليه الأقدار أن يخضع لمأساة روتينية أكرهته فى حياته بسبب المعاناة التى شهدها عندما توجه فيها إلى أحد المكاتب التوثيق، فضلاً عن الرسوم المتعددة التى يتوجب دفعها فهو لا يكره سوى الروتين والزحام والانتظار الذى يصحبه إهدار للوقت. وهذا ما حدث معه وكأنه يروى فيلم عربي يجسد معاناة المواطن من الروتين والبيروقراطية العقيمة.
فقد بدأت المأساه بكتابة عدة طلبات يجب توفيرها من الزوج لكى تستكمل المستندات المطلوبة لمد الإجازة وهى طلب لمد الإجازة وصورة بطاقة الرقم القومى لكل من الزوج والزوجة وصورة من تجديد الإجازة عن العام السابق وصورة من تصريح العمل عن العام السابق بالإضافة إلى أصل تصريح العمل عن العام الحالى وسند يفيد سداد التأمينات والمعاشات الذى يستخرج من مكتب التأمينات والمعاشات التابع للمنطقة الطبية، ولا يتم استخراج هذا السند إلا بواسطة خطاب من المنطقة الطبية مرفق به آخر مفردات مرتب للزوجة لمعرفة النسبة المقررة من التأمينات التى يجب سدادها على أن يتم مراجعة هذه المفردات بواسطة الموظف المسؤول فى التأمينات ثم يتم التوجه للبنك الذى يتم فيه سداد التأمينات لتقدير القيمة بالدولار، لكى يتجه صديقى إلى أقرب مكتب صرافة لشراء الدولارات المطلوب سدادها والعودة مرة أخرى إلى البنك.
وعلى الرغم من هذه المعاناة إلا أنه لم يشعر بالتعب طالما أن هناك إنجاز. إلا أنه تلقى صدمة من جديد عندما طلب منه الموظف فى المنطقة الطبية ضرورة توثيق عقد العمل فى مكتب توثيق تابع لوزارة الخارجية وعند حضوره إلى مكتب التوثيق كانت المفاجأة التى لم يتوقعها زحاما شديدا لم ير مثله منذ سنوات وفوضى عارمة ترجع بنا إلى الوراء عشرات السنين بعد اعتقادنا أن عصر التكنولوجيا قد قضى على هذه الظاهرة المتأخرة. فالزحام مع الفوضى تحت حرارة الشمس الحارقة لابد وأن يكون لها تأثير سلبى على المواطن.
وبعد الانتظار فى وسط هذه الأجواء لم يتمكن من إنجاز المهمة لأن هناك خطوة فى وزارة القوى العاملة لابد من إنجازها أولا قبل خطوة مكتب ثوثيق الخارجية، وبالطبع انتهى اليوم بالحصول على تصديق وزارة القوى العاملة فقط.
وفى اليوم التالى حاول صديقى اللجوء إلى فرع آخر ظنا منه أنه ربما يكون غير مزدحم إلا أنه كان أكثر ازدحاما، فالفرع الذى يليه والذى يعانى من نفس الظاهرة والذى اكتفى بعدد معين ولم يسمح بالمزيد، وإلى الآن يجول صديقى شوارع القاهرة بحثا عن حل أو عن فرع لمكاتب التوثيق يكون شاغرا يحترم آدمية البشر فى عصر التكنولوجيا. ومن المعروف أن مصادر العملة الصعبة ثلاث: قناة السويس .. والسياحة .. والعاملين بالخارج .. وعلى الرغم من هذه الظروف الصعبة التى تحتاج فيها الدولة لكل دولار إلا أن الروتين لا يزال عقبة فى طريق تحقيق التسهيلات على المواطن العامل بالخارج الذى تعتمد عليه الدولة كمصدر أساسى للعملة الصعبة. وهناك الكثير من العاملين بالخارج يفكرون فى العودة وعدم الاستمرار فى العمل بالخارج تجنبا للمرور بهذه المأساه التى يعانون منها كل عام عند التجديد.
والسؤال للسادة المسؤولين فى وزارة الخارجية انطلاقا من حرصهم على مستقبل العملة الصعبة فى الدولة، هل من الصعب وضع نظام يضمن تجنب هذا الزحام خاصة وأننا أصبحنا فى عصر تبنى فيه اليابان مطعم دومينو بيتزا فوق سطح القمر، وفى الوقت نفسه يقف المواطن المصرى فى طابور العذاب من أجل الحصول على تأشيرة على ورقة العمل من الخارجية!!.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق