عيد الشرطة فى عيدها الـ69 .. تضحيات خلقت استقرارًا

0 580

 

بقلم/ أحمد فيظ الله عثمان
مدير عام الإدارة التعليمية بالمعادى سابقًا

سؤال يطرح نفسه: لماذا نحتفل كل عام فى 25 يناير بعيد الشرطة؟ مما جعلنى أتذكر الأحداث التي عاصرتها وقد كنت طفلاً صغيرًا أبلغ من العمر عشر سنوات، والاحتلال يجثم على صدورنا، وكان متمركزًا فى منطقة القناة، وعندما أعلن مصطفى النحاس رئيس الوزراء وقتها إلغاء معاهدة 1936، وبدأ الكفاح بعد إنسحاب آلاف العمال من خدمة معسكراتهم، وتطوع المصريين لضرب مصالح الإنجليز فى القناة مما جعلهم يأمرون محافظ الإسماعلية بتسليم الشرطة بكامل أسلحتها إلى قواتها، وقد رفض قادة الشرطة المصرية هذا الأمر وعلى رأسهم القائد الشهيد مصطفى رفعت، ضابط الاتصال المصرى، واتصل بوزير الداخلية فى ذلك الوقت فؤاد سراج الدين، حيث اعتبر قرار القائد الإنجليزى يمس كرامة الشعب المصرى وأمرهم بمحاربة الإنجليز.

 

ولم تكن المعركة متكافئة، فقد حشد الإنجليز أكثر من سبعة آلاف جندى بريطانى حاصروا مبنى المحافظة وبدأوا فى إطلاق النيران عليها صباح الخامس والعشرين من يناير عام 1952من جميع الجهات، ودافعت الشرطة المصرية ومعها المتطوعين بشجاعة وبسالة في معركة استمرت يوماً كاملاً، وقاتل الضباط والجنود بفدائية أسفرت عن سقوط 50 شهيدا والكثير من الجرحى، وبالرغم من ذلك فقد رفضوا الاستسلام، وتوالت البطولات والتضحيات لجنودنا البواسل ضد الإنجليز الذين اعترفوا بهزيمتهم فى تلك المعركة والأحداث العظيمة التى سطرها المصريون في يوم 25 يناير الذي نحتفل به سنويًا مناسبة لعيد الشرطة .

 

هذه الملحمة التى سطرها جنودنا البواسل فى صفحات التاريخ من أعظم الملاحم الإنسانية التي أضافت إلى ملاحم الشعوب قصيدة من أعظم قصائد العالم فى المقاومة والتضحية والفداء. ولم تكن هذه القصيدة، مع عظمتها وروعتها، هى القصيدة الوحيدة فى تاريخ شعبنا العظيم، فقد كانت مصر وشعبها دائما هدفا لهجمات البرابرة والاستعمار على مر التاريخ. فمنذ فجر الحضارة صدت مصر هجمات، وأخرجت غزاة، وهزمت طغاة، وبقى الشعب متماسكا، يستهين بالموت، ويسترخص التضحيات فى سبيل الحفاظ على العقيدة والدفاع عن الوطن. ولكن النهاية كانت قد دنت، فما هى إلا أشهر قليلة ويأذن الله لفجر الحرية أن يبزغ ضوءه، ثم تشرق شمسه فى 23 يوليو عام 1952 على يد ثورة الشعب والجيش بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر التى حررت البلاد وبعثتها من جديد، ليواصل التاريخ سيره مدونا انتصارات وبطولة الشعب العربى فى مصر وبعث الأمة العربية بعد طول رقاد .

 

على أبنائنا وأحفادنا أن يتذكروا هذا التاريخ وهذا اليوم المجيد، وأن يرفع كل مصرى رأسه عاليا ويتحدث عن بطولات شعبه، وبكل فخر رجال الشرطة والقوات المسلحة الذين ضحوا من أجل كرامة مصر وحريتها، ولايزالوا يدافعون عن مصر ضد الإرهاب البغيض لتحقيق الأمن والسلامة لوطننا العزيز.

 

حفظ الله مصر وشعبها العظيم

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق